للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون حريصة على أن يكون دخل كل فرد في الأمة مرتفعا، وأن تحرص على أن يكون تصرف كل فرد في الأمة في ماله تصرفا صحيحا، من خلال القضاء، والتربية، والتوعية، والمؤسسات، والتنظيم.

وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ، فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً.

[المعنى العام]

يأمر تعالى باختبار الأيتام قبل البلوغ، فإذا بلغوا مصلحين لدينهم وأموالهم، انفك الحجر عنهم، فتسلم إليهم أموالهم التي تحت يد أوليائهم، ونهى الله- عزّ وجل- هؤلاء الأولياء أن يأكلوا أموال اليتامى من غير حاجة ضرورية، بالإسراف فيها، والمبادرة بإنفاقها قبل بلوغهم. ثم أذن الله لولي اليتيم إن كان محتاجا، أن يأكل بقدر حاجته. ثم أمر تعالى، أنه في حالة البلوغ، وإيناس الرشد، ودفع الأموال إلى أصحابها: أمر بالإشهاد عليهم، لئلا يقع من بعضهم جحود وإنكار لما قبضه وتسلمه.

وختم الله- عزّ وجل- الآية بالتذكير بالله خير الشهداء والرقباء والمحاسبين ليتذكر الأولياء في حال نظرهم للأيتام. وحال تسليمهم لأموالهم هل هي كاملة موفرة، أو منقوصة مبخوسة مزور حسابها، أو مدلس أمرها؟ الله عالم بذلك كله.

[المعنى الحرفي]

وَابْتَلُوا الْيَتامى. أي: واختبروهم، أي اختبروا عقولهم، وزنوا أحوالهم، ومعرفتهم بالتصرف قبل البلوغ. وقال النسفي: فالابتلاء عندنا أن يدفع إليه ما يتصرف فيه حتى تتبين حاله فيما يجئ منه. وفيه دليل على جواز إذن الصبي العاقل في التجارة.

حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ. أي: الحلم، لأنه يصلح للنكاح عنده، ولطلب ما هو مقصود به وهو التوالد. قال الجمهور من العلماء: البلوغ في الغلام تارة يكون بالحلم، وهو أن ينزل في منامه الماء الدافق الذي يكون منه الولد، والعبرة في هذه الحالة للنزول في المنام أو في غيره. وتارة يكون بالسن وهو خمس عشرة سنة قمرية.

فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً. أي: فإن تبينتم منهم هداية في التصرفات، وصلاحا في المعاملات. وتنكير الرشد يفيد: أن المراد رشد مخصوص، وهو الرشد في التصرف

<<  <  ج: ص:  >  >>