للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتكبر في الأرض معناه: التطاول على الخلق والأنفة عن قبول الحق، وحقيقته التكلف للكبرياء التي اختصت بالباري عزت قدرته، ومعنى قوله تعالى يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أي يتكبرون غير محقين لأن التكبر للحق وحده. وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ من الآيات المنزلة عليهم لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ أي طريق صلاح الأمر وطريق الهدى لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا أي طريقا مع رؤيته أنه رشد وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ أي الضلال يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا أي يسيرون فيه ذلِكَ أي الصرف عن آيات الله بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا أي بسبب تكذيبهم بآيات الله.

وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ غفلة عناد وإعراض لا غفلة سهو وجهل

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ أي ولقائهم الآخرة ومشاهدتهم أحوالها حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فلا يقبل الله منهم عملا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ وعملهم الذي أحبط كل عمل هو تكذيب الرسل.

[فوائد]

١ - قال بعض السلف «لا ينال العلم حيي ولا مستكبر» وقال آخر: من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبدا. وقال ذو النون: (أبى الله أن يكرم قلوب البطالين بمكنون حكمة القرآن).

٢ - قال السعدي عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا قال: ما تجلى منه إلا قدر الخنصر. وروى ابن جرير عن أنس قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا قال هكذا بأصبعه ووضع النبي إصبعه الإبهام على المفصل الأعلى من الخنصر فساخ الجبل.

٣ - روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاء رجل من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد لطم وجهه وقال: يا محمد إن رجلا من أصحابك من الأنصار لطم وجهي، قال: «ادعوه» فدعوه، قال: «لم لطمت وجهه؟» قال: يا رسول الله إني مررت باليهودي فسمعته يقول: والذي اصطفى موسى على البشر، قال: فقلت:

وعلى محمد؟ وأخذتني غضبة فلطمته فقال: «لا تخيروني من بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق. فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي. أم جوزي بصعقة الطور».

قال ابن كثير (والكلام في قوله عليه السلام: «لا تخيروني على موسى» كالكلام على

<<  <  ج: ص:  >  >>