السلام- من دخول الأرض المقدسة، كانت معروفة للمسلمين قبل غزوة بدر في السنة الثانية الهجرية. وقد وردت إشارة إليها على لسان سعد بن معاذ الأنصاري- رضي الله عنه- فى رواية، وعلى لسان المقداد بن عمرو في رواية، وهو يقول لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«إذن والله لا نقول لك يا رسول الله كما قال قوم موسى لموسى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ .. ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما متبعون ..
الخ».
أما المراجعة الموضوعية فتصور الموقف بأنه كانت لليهود- في ذلك الوقت الذي نزلت فيه الآيات الخاصة بهم- قوة ونفوذ وعمل في المدينة، وفي الصف المسلم، مما اقتضى هذه الحملة لكشف موقفهم وإبطال كيدهم. وهذه القوة وهذا النفوذ كانا قد تضاءلا بعد وقعة بني قريظة، عقب غزوة الخندق، وقد تطهّرت الأرض من القبائل اليهودية القوية: بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة. فلم يكن لهم بعد الحديبية ما يدعو إلى العناية بشأنهم إلى هذا الحد. ثم لقد كانت فترة المهادنة معهم والخطة السلمية قد انتهت، ولم يعد لهما موضع بعد الذي بدا منهم فقول الله لنبيّه الكريم: وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ .... لا بد سابق على هذه الفترة. وكذلك أمره بالحكم بينهم أو الإعراض عنهم .. ومن هذه الملاحظات يترجح لدينا أن مطالع السورة، وبعض مقاطعها هي التي نزلت بعد سورة الفتح؛ بينما نزلت مقاطع منها قبل ذلك، كما أن الآية التي فيها قول الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ لا بد أن تكون قد نزلت بعد ذلك. وأن السورة لم تنزل كلها مرة واحدة كما جاء في إحدى الروايات».
[نقول من الظلال]
ننقل هنا عن الظلال متفرقات من كلامه في هذا المقطع ونضعها في تسلسل يشير إلى سياق المقطع:
إنه لا بد من ضوابط للحياة .. حياة المرء مع نفسه التي بين جنبيه؛ وحياته مع غيره من الناس ومن الأحياء والأشياء عامة .. الناس من الأقربين والأبعدين، من الأهل
والعشيرة، ومن الجماعة والأمة؛ ومن الأصدقاء والأعداء .. والأحياء مما سخر الله للإنسان ومما لم يسخر .. والأشياء مما يحيط بالإنسان في هذا الكون العريض .. ثم ..