للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفار قريش، وقيل إنهم من جهلهم دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة أوثانهم سنة ويعبدون معبوده سنة، فأنزل الله هذه السورة، وأمر رسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيها أن يتبرأ من دينهم بالكلية).

[كلمة في سورة الكافرون ومحورها]

رأينا أن الآيتين الآتيتين بعد مقدمة سورة البقرة أمرتا بالعبادة لله، ونهتا عن الشرك.

وتأتي سورة الكافرون لتأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلن أنه لا يعبد ما يعبده الكافرون، لا حالا ولا استقبالا. فإذا كانت آيتا سورة البقرة أمرتا الناس جميعا بالعبادة، ونهتا عن الشرك، فسورة الكافرون تبين أن الناس قسمان، قسم استجابوا لعبادة الله وحده، وقسم لم يستجيبوا، قسم أشركوا، وقسم وحدوا، وتأمر إمام العابدين وسيد الموحدين، وقدوة المسلمين، أن يعلن لهؤلاء الكافرين أنه لا يعبد ما يعبدون، وهذا أول مظهر من مظاهر صلة سورة الكافرون بمحور السورة.

بعد الآيتين الآتيتين بعد مقدمة سورة البقرة يأتي قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ وسورة الكافرون تأمر عبد الله محمدا صلى الله عليه وسلم الذي أنزل عليه القرآن أن يعلن براءته من عبادة الكافرين، وتميز دينه عن دينهم، ومفاصلته لهم في أمر العبادة والدين، وذلك مظهر آخر من مظاهر صلة سورة الكافرون بمحورها من سورة البقرة، وهي الآيات الخمس الواردة بعد مقدمة سورة البقرة.

وصلة سورة الكافرون بما قبلها واضحة، فقد عرفنا من سورة الكوثر أن هناك شانئين ومبغضين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم الكافرون، وتأتي سورة الكافرون لتأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلن مفاصلته في عبادته ودينه للكافرين إعلاما أنه لا يبالي بهم، وتوضيحا لكونه على الحق، وفي سورة الكوثر أمر الله عزّ وجل رسوله صلى الله عليه وسلم بنوعين من العبادة يختلف فيهما المسلمون عن غيرهم من الناس، وتأتي سورة الكافرون لتأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلن أن إلهه الذي يعبده هو الله وحده، وأنه لن يعبد- حالا أو استقبالا- آلهة الكافرين والمشركين، وأن دينه متميز عن كل دين، وصلة ذلك بسورة الكوثر لا تخفى، وهكذا رأينا صلة سورة الكافرون بما قبلها، وصلتها بمحورها، وسنرى صلتها بما بعدها. فلنر السورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>