[تفسير المجموعة الثالثة]
أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ أي: حقير، قال النسفي: وهو النطفة.
فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ أي: الرحم. والقرار: المقر، ووصفه بالمكين معجزة مستقلة، فمن علم مدى ما أحيط به الجنين من حماية يعرف دقة المعجزة
إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ أي: مؤخرا إلى مقدار من الوقت معلوم، قد علمه الله وحكم به وهو تسعة أشهر، أو ما فوقها، أو ما دونها. قال ابن كثير في تفسير القدر المعلوم: يعني:
إلى مدة معينة من ستة أشهر أو تسعة أشهر
فَقَدَرْنا من القدرة أو من التقدير فَنِعْمَ الْقادِرُونَ أي: نعم المقدرون نحن، أو نعم القادرون على ذلك نحن.
أقول: مجئ هذا المعنى في هذا السياق فيه إشارة إلى أن من قدر على ذلك فهو قادر على أن يحيي الإنسان مرة ثانية، وأن هذا مما ينبغي أن ينبه الإنسان فيصدق أن الله قادر على إعادته، ومن ثم ختمت المجموعة بقوله تعالى:
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ قال النسفي: (أي: بنعمة الفطرة).
[تفسير المجموعة الرابعة]
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أي: ضامة جامعة
أَحْياءً وَأَمْواتاً أي: تضم أحياء على ظهرها، وأمواتا في بطنها، قال النسفي: والتنكير فيهما للتفخيم، أي:
تكفت أحياء لا يعدون وأمواتا لا يحصون، وقال الشعبي: بطنها لأمواتكم وظهرها لأحيائكم
وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ قال النسفي: أي: جبالا ثوابت شامِخاتٍ أي: عاليات وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً أي: عذبا، قال ابن كثير: أي: عذبا زلالا من السحاب، أو مما أنبعه من عيون الأرض
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ قال النسفي:
أي: بنعمة الفطرة، وقال ابن كثير: أي: ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة. خالقها، ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.
[كلمة في السياق]
١ - في ذكر مظاهر قدرة الله وإنعامه في هذه المجموعة دعوة للإيمان والشكر، فمن كذب ولم يشكر فويل له يوم الفصل، وفي ختم المجموعة بقوله تعالى: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ربط للمجموعة الرابعة بالمجموعة الأولى التي تتحدث عن يوم الفصل، فذكر مظاهر قدرته وإنعامه تذكير بأن من فعل هذا لا يعجزه أن يعيد خلق الإنسان،