شرعه الله لنا. وإذا تذكرنا ما ورد في القسم الأول: أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا إذا تذكرنا ذلك أدركنا صلة الأقسام ببعضها.
- في الآية الثانية: ينكر الله تبارك وتعالى على اليهود والنصارى ادعاء كل من الطائفتين أن إبراهيم كان منها. فكيف تدعون أيها اليهود أنه كان يهوديا، وقد كان زمنه قبل أن ينزل الله التوراة على موسى. وكيف تدعون أيها النصارى أنه كان نصرانيا، وإنما حدثت النصرانية بعده بزمن طويل. ولهذا ختم الآية بتأنيبهم فقال: أَفَلا تَعْقِلُونَ
- وفي الآية الثالثة: إنكار على من يجادل فيما لا علم له به، فإن اليهود تحاجوا في إبراهيم بغير علم، ولو تحاجوا فيما بأيديهم من علم، مما يتعلق بأديانهم التي شرعت إلى حين بعث محمد صلى الله عليه وسلم لكان أولى بهم. وإذ تكلموا فيما لا يعلمون فقد أنكر الله عليهم ذلك وأمرهم برد ما لا علم لهم به، إلى عالم الغيب والشهادة، الذي يعلم الأمور على حقائقها، وجلياتها، لأنه هو الذي يعلم، وغيره لا يعلم.
- وفي الآية الرابعة: نفى أن يكون إبراهيم يهوديا أو نصرانيا، إنه كان متحنفا عن الشرك، قاصدا إلى الإيمان، وفي ذلك تعريض بشركهم الذي منه إبراهيم براء.
وفي الآية الخامسة: بين أن أقرب الناس، وأخصهم بإبراهيم هم أتباعه ومحمد صلى الله عليه وسلم، والذين آمنوا: المهاجرون والأنصار، ومن تبعهم بعدهم لأنهم هم الموحدون المسلمون.
[المعنى الحرفي]
قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ يدخل في الخطاب اليهود والنصارى، ويدخل غيرهم من باب أولى. تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ أي: مستوية بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ، لا يختلف فيها القرآن والتوراة والإنجيل هي أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ أي: العبادة لله وحده، والطاعة لله وحده، فلا يحلل ولا يحرم إلا هو. ولا إله إلا هو. قال ابن جريج في تفسير قوله تعالى: وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني لا يطيع بعضنا بعضا في معصية الله. فَإِنْ تَوَلَّوْا أي عن التوحيد فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ أي: فقد لزمتكم الحجة، فوجب عليكم أن تعترفوا، وتسلموا بأنا مسلمون دونكم فاعلموا ذلك.