كلمة في السياق:[حول علة الانحراف الأساسية عن طريق الله وهي الكفر باليوم الآخر]
العلّة الأساسية في الانحراف: هي الكفر باليوم الآخر، فإذا أقيمت الحجة على الناس به، فروا من الحجة، ورفضوا الإسلام بحجة أن الكفر وأهله أجود عيشا وأعظم جاها، وهو منطق أعوج، إذ الغنى والفقر لا يتعلّقان بحق أو باطل. فاللص والغشاش والمرابي قد يكونون أكثر الناس مالا وجاها، فهل يعطي ذلك أفعالهم قيمة عليا؟ فمنطق
الكافرين هذا منطق سفه لا منطق عقل وعلم. وإذ يبطل الله حجتهم وكلامهم فيما مرّ فإنه سيبطل دعوى أخرى لهم فيها سيأتي، إذ يرى بعضهم أن إمداد الله له في الدنيا دليل على كرامته على الله، ومن ثم فإنه حتى في حالة وجود يوم آخر فإنه يزعم أن له كرامة عند الله فيه، وبمثل هذا المنطق يعرض عن الإسلام، ويحارب أهله، ويرفض القرآن. ومن ثم قال تعالى:
...
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا أي أخبر أيضا بقصة هذا الكافر بالقرآن، واذكر حديثه عقيب أولئك، ونموذج هذا النوع من الناس: العاص بن وائل كما سنرى وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً أي في الآخرة، إن كان هناك آخرة، فردّ الله عليه
أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أي انظر في اللوح المحفوظ فرأى ما زعم أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً أي موثقا أن يؤتيه ذلك، أي أم له عند الله عهد بخطاب مباشر من الله أنه سيؤتيه ذلك، أو له عهد على لسان رسول بأن فعل ما هو عند الله عهد لأهله كالشهادتين والصلاة
كَلَّا كلمة ردع وتنبيه على الخطأ، أي هو مخطئ فيما تصوّره لنفسه، فليرتدع عنه سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ أي من حكمه لنفسه بما يتمناه، وكفره بالله العظيم، وآياته ورسله وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا أي نزيده من العذاب كما زاد في الافتراء والاجتراء
وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ أي من مال وولد، أي يرث الله ماله وولده، أي يسلبهما منه عكس ما قال: إنه يؤتى في الدار الآخرة مالا وولدا، بل في الآخرة يسلب منه الذي كان له في الدنيا وَيَأْتِينا أي يوم القيامة فَرْداً أي لا مال له ولا ولد.