لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ. وقال: وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً. فقد كتموا؟. فقال ابن عباس: أما قوله: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ. فإنهم لما رأوا يوم القيامة، أن الله لا يغفر إلا لأهل الإسلام، ويغفر الذنوب ولا يغفر شركا، ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره، جحد المشركون فقالوا: وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ؛ رجاء أن يغفر لهم فختم الله على أفواههم، وتكلمت أيديهم، وأرجلهم بما كانوا يعملون. فعند ذلك يود الذين كفروا، وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا).
[تحقيق وتعليق]
١ - يقول الألوسي مبينا وجهتي النظر في قوله تعالى وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ. هم موالي الموالاة. أخرج ابن جرير. وغيره عن قتادة قال: كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول دمي دمك، وهدمي هدمك، وترثني وأرثك، وتطلب بي وأطلب بك؛ فجعل له السدس من جميع المال في الإسلام، ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم، فنسخ ذلك بعد في سورة الأنفال بقوله سبحانه: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ.
وروي ذلك من غير ما طريق عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وكذلك عن غيره، ومذهب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه أنه إذا أسلم رجل على يد رجل وتعاقدا على أن يرثه ويعقل عنه صح وعليه عقله وله إرثه إن لم يكن له وارث أصلا، وخبر النسخ المذكور لا يقوم حجة عليه، إذ لا دلالة فيما ادعى ناسخا على عدم إرث الحليف لا سيما وهو إنما يرثه عند عدم العصبات وأولي الأرحام، والأيمان هنا جمع يمين بمعنى اليد اليمنى، وإضافة العقد إليها لوضعهم الأيدي في العقود أي بمعنى القسم اهـ.
٢ - ويقول صاحب الظلال عند قوله تعالى الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ.
إن الأسرة- كما قلنا- هي المؤسسة الأولى في الحياة الإنسانية. الأولى من ناحية أنها نقطة البدء التي تؤثر في كل مراحل الطريق. والأولى من ناحية الأهمية لأنها تزاول إنشاء وتنشئة العنصر الإنساني، وهو أكرم عناصر هذا الكون، في التصور الإسلامي.