- يأتي هذا المقطع ليوضّح ما أمر الله به أن يوصل، فإذا كانت المقاطع السابقة قد جاء فيها نقض الميثاق، والإفساد في الأرض بشكل أوضح، فإن هذا المقطع يذكر فيه ما أمر الله به أن يوصل بشكل أوضح، فالولاء لله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين فريضة، فهذا مما أمر الله به أن يوصل. والولاء للكافرين والمنافقين لا يجوز، فمن لم يعط الولاء لأهل الإيمان فقد قطع ما أمر الله به أن يوصل، ومن أعطى ولاءه للكافرين والمنافقين فقد وصل ما أمر الله به أن يقطع، وهذا أول مظهر من مظاهر صلة المقطع بمحور سورة المائدة من سورة البقرة. لاحظ الصلة بين محور السورة وبعض معان في هذا المقطع:
في السورة من البقرة: وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ
وفي هذا المقطع نرى قوله تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ وفي محور السورة تجد قوله تعالى وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ* وفي هذا المقطع نجد عن اليهود وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ.
وهذا كله يؤكد صلة المقطع بمحوره من سورة البقرة، ويؤكد صحة ما اتجهنا إليه في فهم الوحدة القرآنية.
في المقطع السابق على المقطع الذي بين أيدنا رأينا فسوق أهل الكتاب، ورأينا كلاما عن الراغبين في حكم الجاهلية، وفي هذا المقطع يحرم الله- عزّ وجل- علينا موالاة أهل الكتاب، ويحذّرنا من الردة، ويبيّن لنا خصائص الجماعة المسلمة، وأن من جملة هذه الخصائص الولاء لله والرسول صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين، ثم ينهانا ربنا- عزّ وجل- عن