٢ - من مظاهر التكامل بين ما عرضته سورة الصافات وسورة (ص).
أن سورة الصافات عرضت في سياقها الرئيسي موضوع التوحيد، وتحدثت عن الرسل، وهاهنا نرى استبعاد الكافرين لموضوع التوحيد، وتكذيبهم للرسل عليهم الصلاة والسلام.
بمناسبة قوله تعالى حكاية عن تعجب الكافرين من دعوة رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ* وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ ... قال ابن كثير:(ذكر سبب نزول هذه الآيات الكريمات) قال: (قال السّدّي: إن ناسا من قريش اجتمعوا فيهم أبو جهل بن هشام والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب والأسود بن عبد يغوث في نفر من مشيخة قريش فقال بعضهم لبعض انطلقوا بنا إلى أبي طالب فلنكلمه فيه، فلينصفنا منه، فليكف عن شتم آلهتنا وندعه وإلهه الذي يعبده، فإنا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون منا إليه شئ فتعيّرنا به العرب، يقولون تركوه حتى إذا مات عنه تناولوه، فبعثوا رجلا منهم يقال له المطلب، فاستأذن لهم على أبي طالب فقال: هؤلاء مشيخة قومك وسراتهم يستأذنون عليك، قال: أدخلهم، فلما دخلوا عليه قالوا:
يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا، فأنصفنا من ابن أخيك فمره فليكف عن شتم آلهتنا وندعه وإلهه، وقال: فبعث إليه أبو طالب، فلما دخل عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:
يا ابن أخي هؤلاء مشيخة قومك وسراتهم وقد سألوك أن تكف عن شتم آلهتهم، ويدعوك وإلهك، قال صلّى الله عليه وآله وسلم:«يا عم أفلا أدعوهم إلى ما هو خير لهم؟» قال: وإلام تدعوهم؟ قال صلّى الله عليه وسلم:«أدعوهم أن يتكلّموا بكلمة يدين لهم بها العرب، ويملكون بها العجم» فقال أبو جهل- لعنه الله- من بين القوم: ما هي وأبيك لنعطينكها وعشر أمثالها؟ قال صلّى الله عليه وآله وسلم:«تقولون لا إله إلا الله» فنفروا، وقالوا: سلنا غيرها، قال صلّى الله عليه وسلم:«لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ما سألتكم غيرها» فقاموا من عنده غضابا، وقالوا: والله لنشتمنّك وإلهك الذي أمرك بهذا وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير وزاد فلما خرجوا دعا رسول الله صلّى الله