القرآن هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أي إن كان القرآن هو الحق فعاقبنا على إنكاره بالسجيل كما فعلت بأصحاب الفيل أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ أي بنوع آخر من جنس العذاب الأليم، وهذا من كثرة جهلهم، وشدة تكذيبهم وعنادهم وعتوهم، فبدلا من أن يقولوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له ووفقنا لاتباعه قالوا ما قالوا
وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ فيه دلالة على أن تعذيبهم ورسول الله بين أظهرهم غير مستقيم، لأنه بعث رحمة للعالمين، وسنته عزّ وجل ألا يعذب قوما عذاب استئصال ما دام نبيهم بين أظهرهم، وفيه إشعار بأنهم مرصدون بالعذاب إذا هاجر عنهم وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ أي وما كان الله معذبهم وفيهم من يستغفر، وهم المسلمون بين أظهرهم، ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من المستضعفين، أو لو كانوا ممن يؤمن ويستغفر من الكفر لما عذبهم. أو معناه نفي الاستغفار عنهم، ولذلك عذبهم فيما بعد بتسليط المؤمنين عليهم يوم بدر
وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أي وكيف لا يعذبون وحالهم أنهم يصدون عن المسجد الحرام، ومن ذلك إخراجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين منه، فذلك أعظم الصد وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ أي وما كان للمشركين مع إشراكهم وعداوتهم لدين الله، أن يستحقوا أن يكونوا ولاة أمر الحرم إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ أي إن أولياء الحرم إلا المسلمون، ويحتمل أن يكون المراد به وما كان المشركون أولياء الله، إن أولياء الله إلا المتقون وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ذلك أي من استحق ولاية الله، أو ولاية الحرم
وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً أي صفيرا وَتَصْدِيَةً أي وتصفيقا فَذُوقُوا الْعَذابَ أي عذاب القتل والأسر بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ أي بسبب كفركم.
[فوائد]
١ - يلاحظ أن هذه المجموعة قد عرضت نوعا من أنواع الفرقان، وذلك أن أمة كأهل مكة في سوء أدبها مع الله ومع كتبه، وفي مثل كبرها وتعنتها ومحاربتها للحق، وفي مثل كيدها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتخطيطها ضده كيف كان عاقبة أمرها؟ إفساد كيدها وهزيمتها وقتل عظمائها وأسرهم، كل ذلك أنواع من الفرقان الذي وعد الله المتقين به في نهاية المقطع السابق، وفي المجموعة معان أخرى، منها ما يفيد استحقاق الكافرين للعذاب والقتل، ومنها ما يعرفنا على بعض سنن الله في موضوع العذاب وإنزاله، وكل هذه