للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن كثير: (أي: بالحق والعدل وهو اتباع الرسل فيما أخبروا به وطاعتهم فيما أمروا به فإن الذي جاءوا به هو الحق الذي ليس وراءه حق كما قال: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا أي: صدقا في الإخبار وعدلا في الأوامر والنواهي، ولهذا يقول المؤمنون إذا تبوءوا غرف الجنات، والمنازل العاليات، والسرر المصفوفات الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ) فهذه هي حكمة إرسال الرسل، وإنزال الكتب، وفي ذلك درس من دروس وجوب الخشوع للقرآن الذي تحدثت عنه بداية المجموعة ثم قال تعالى: وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ أي: خلقناه فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ إذا قوتل به، قال ابن كثير: يعني السلاح كالسيوف والحراب والسنان والنصال والدروع ونحوها. أقول: والدبابات والبوارج والقنابل والصواريخ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ أي: في مصالحهم ومعايشهم وصنائعهم، قال ابن كثير: (أي: في معايشهم كالسكينة والفأس والقدوم والمنشار والإزميل والمجرفة والآلات التي يستعان بها في الحراثة والحياكة والطبخ والخبز وما لا قوام للناس بدونه وغير ذلك) وكالسيارات والطيارات والقطارات وسكك الحديد وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ قال النسفي: باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح في مجاهدة أعداء الدين بِالْغَيْبِ أي: غائبا عنهم إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ يدفع بقوته بأس من يعرض عن ملته عَزِيزٌ يربط بعزته جأش من يتعرض لنصرته، قال ابن كثير:

أي: هو قوي عزيز ينصر من نصره من غير احتياج منه إلى الناس، وإنما شرع الجهاد ليبلو بعضكم ببعض.

...

[كلمة في السياق]

١ - ما المناسبة بين الأشياء التي ذكرت في الآية: الكتاب والميزان والحديد؟

قال النسفي: (والمناسبة بين هذه الأشياء الثلاثة أن الكتاب قانون الشريعة ودستور الأحكام الدينية، يبين سبل المراشد والعهود، ويتضمن جوامع الأحكام والحدود، ويأمر بالعدل والإحسان، وينهى عن البغي والطغيان، واستعمال العدل والاجتناب عن الظلم إنما يقع بآلة يقع بها التعامل، ويحصل بها التساوي والتعادل، وهي الميزان. ومن المعلوم أن الكتاب الجامع للأوامر الإلهية، والآلة الموضوعة للتعامل بالتسوية، إنما تحض العامة على اتباعهما بالسيف الذي هو حجة الله على من جحد وعند، ونزع عن صفقة

<<  <  ج: ص:  >  >>