عَطاؤُنا أي: هذا الذي أعطيناك من الملك والمال والبسطة عطاؤنا فَامْنُنْ أي: فأعط منه ما شئت من المنّة وهي العطاء أَوْ أَمْسِكْ عن العطاء. قال النّسفي:(وكان إذا أعطى أجر، وإن منع لم يأثم بخلاف غيره) بِغَيْرِ حِسابٍ أي: هذا عطاؤنا جمّا كثيرا، لا يكاد يقدر على حصره، أو بغير حساب، أي:
لا حساب عليك في ذلك. قال ابن كثير:(أي هذا الذي أعطيناك من الملك التام، والسلطان الكامل كما سألتنا، فأعط من شئت، واحرم من شئت، لا حساب عليك، أي: مهما فعلت فهو جائز لك. احكم بما شئت فهو صواب)
ثمّ نبّه الله عزّ وجل على أنّ سليمان عليه السلام ذو حظ عظيم عند الله يوم القيامة أيضا. ومن ثمّ قال: وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى أي: لقربى وَحُسْنَ مَآبٍ أي: وحسن مرجع. أي: في الدار الآخرة.
...
[كلمة في السياق]
١ - نلاحظ أنّ قصّة داود وسليمان عليهما السلام بدأت بقوله تعالى:
وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ... والآن تأتي قصة أيّوب عليه السلام مبدوءة بقوله تعالى:
وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ فالسياق كله في موضوع الذكر والتذكير، وذلك شأن المقطع كله، الذكر والتذكير للمنذر والنذير، فهي دروس للنذير الذي يقابله الكافرون بالإعراض، ليطمئنّ إلى رعاية الله وعطائه، وهي دروس للمنذرين الذين يستفيدون من الإنذار.
٢ - نلاحظ أنّ الأوّابيّة هي الدرس الأعظم الذي قدّمه لنا السّياق في قصة داود وسليمان عليهما السلام، وهو الدرس الرئيسي الذي نجده في قصة أيوب عليه السلام.
فلنر قصة أيوب عليه السلام في السورة:
...
وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أي: دعاه أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ أي: بتعب ومشقّة وَعَذابٍ يريد مرضه، وما كان يقاسي فيه من أنواع الوصب، فعند ما دعا الله عزّ وجل بهذا الدعاء استجاب له أرحم الراحمين، وأمره أن يقوم من مقامه، وأن يركض الأرض برجله، ففعل، فأنبع الله تعالى عينا، وأمره أن