فَارْتَقِبْ أي: فانتظر يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ أي: ظاهر حاله لا يشك أحد في أنّه دخان
يَغْشَى النَّاسَ أي: يشملهم ويلبسهم فيقولون:
هذا عَذابٌ أَلِيمٌ أي: مؤلم،
ثم يدعون الله عزّ وجل رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ أي: سنؤمن إن كشفت عنا العذاب
أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى أي: كيف يتذكّرون ويتعظون ويفون بما وعدوا به من الإيمان عند كشف العذاب؟. وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ* ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ أي:
أنّى لهم الادّكار وقد جاءهم ما هو أعظم وأدخل في وجوب الادّكار، من كشف الدخان، وهو ما ظهر على رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الآيات والبيّنات من الكتاب المعجز وغيره، فلم يذكروا وتولوا عنه وبهتوه بأنه قد علّمه غيره من البشر ونسبوه إلى الجنون. قال ابن كثير: يقول: كيف لهم بالذكر وقد أرسلنا إليهم رسولا بيّن الرسالة والنذارة ومع هذا تولوا عنه وما وافقوه.
بل كذبوه وقالوا معلم مجنون.
إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا أي: زمانا قليلا إِنَّكُمْ عائِدُونَ أي: إلى الكفر الذي كنتم فيه، أو إلى العذاب
يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى أي: العظمى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ منهم على أفعالهم. وهل الدخان والبطشة مضتا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ فالبطشة ما أصاب المشركين يوم بدر، والدخان ما أصابهم في سني القحط والجوع، حتى إن أحدهم كان ينظر إلى السماء