للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - [نبينا أولى الناس بعيسى عليه السلام]

في صحيح البخاريّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أنا أولى الناس بابن مريم لأنه ليس بيني وبينه نبيّ». قال ابن كثير: وهذا فيه ردّ على من زعم أنه بعث بعد عيسى نبيّ يقال له خالد بن سنان. كما حكاه القضاعي وغيره.

٤ - [تعليق ابن كثير على قوله تعالى عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ]

وبمناسبة قوله تعالى: عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ قال ابن كثير: والمقصود أن الله بعث محمدا صلّى الله عليه وسلّم على فترة من الرسل، وطموس من السّبل، وتغيير الأديان، وكثرة عبادة الأوثان، والنيران والصلبان. فكانت النعمة به أتمّ النّعم، والحاجة إليه أمر عمم، فإنّ الفساد كان قد عمّ جميع البلاد، والطغيان والجهل قد ظهر في سائر العباد، إلا قليلا من المتمسّكين ببقايا من دين الأنبياء والأقدمين، من بعض أحبار اليهود وعبّاد النّصارى والصابئين كما قال الإمام أحمد. أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال في خطبة خطبها ذات يوم. «وإنّ ربّي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم ممّا علّمني في يومي هذا كل مال نحلته عبادي حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلّهم، وإنهم أتتهم الشياطين فأضلّتهم عن دينهم، وحرّمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزّل به سلطانا. ثم إنّ الله- عزّ وجل- نظر إلى أهل الأرض فمقتهم

عربهم وعجمهم إلا بقايا من بني إسرائيل، وقال إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء. تقرؤه نائما ويقظانا. ثم إنّ الله أمرني أن أحرّق قريشا فقلت: يا رب إذن يثلغوا (١) رأسي فيدعوه خبزة. فقال: استخرجهم كما استخرجوك واغزهم نغزك، وأنفق عليهم فسننفق عليك، وابعث جندا نبعث خمسة أمثاله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك، وأهل الجنّة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب بكل ذي قربى ومسلم، ورجل عفيف فقير متصدق. وأهل النّار خمسة:

الضعيف الذي لا زبر له (٢) والذين هم فيكم تبع أو (تبعا) - شكّ يحيا- لا يبتغون أهلا ولا مالا. والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دقّ إلا خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك، وذكر البخل أو الكذب والشنظير:

الفاحش ... والمقصود من إيراد هذا الحديث قوله «وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من بني إسرائيل».

وفي لفظ مسلم «من أهل الكتاب». أقول: اليهودي الذي لم يؤمن بعيسى بعد بعثة


(١) - يثلغوا: يشدخوا. ويدعوه خبزة: أي مكسورة كالخبزة.
(٢) - لا زبر له: أي لا عقل له ينهاه عن المعصية.

<<  <  ج: ص:  >  >>