للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفقرة الثانية]

وتمتد من الآية (٣٦) إلى نهاية السورة أي: إلى نهاية الآية (٤٠) وهذه هي:

[سورة القيامة (٧٥): الآيات ٣٦ الى ٤٠]

أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (٣٦) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى (٣٧) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣٩) أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (٤٠)

[التفسير]

أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً قال ابن كثير: (قال السدي يعني:

لا يبعث، وقال مجاهد والشافعي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: يعني: لا يؤمر ولا ينهى، والظاهر أن الآية تعم الحالتين، أي: ليس يترك في هذه الدنيا مهملا لا يؤمر ولا ينهى، ولا يترك في قبره سدى لا يبعث بل هو مأمور منهي في الدنيا، محشور إلى الله في الدار الآخرة، والمقصود هنا إثبات المعاد والرد على من أنكره من أهل الزيغ والجهل والعناد). أقول: أنكرت الآية على من يظن أنه لا تكليف ولا حساب، وهذا هو تصور عامة الخلق، وهو علة عصرنا،

وقد رد الله عزّ وجل على هذا التصور بقوله: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى أي: من مني يراق في الرحم، قال ابن كثير: أي: أما كان الإنسان نطفة ضعيفة من ماء مهين يمنى، يراق من الأصلاب في الأرحام؟!

ثُمَّ كانَ عَلَقَةً أي: ثم صار المني علقة في المرحلة الأولى من مراحل تكون الجنين فَخَلَقَ فَسَوَّى قال النسفي: فخلق الله منه بشرا سويا،

ومن ثم قال تعالى: فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى بإذن الله وتقديره

أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى قال النسفي: أليس الفعال لهذه الأشياء بقادر على الإعادة، قال ابن كثير: (أي: أليس هذا الذي أنشأ هذا الخلق السوي من هذه النطفة الضعيفة بقادر على أن يعيده كما بدأه) الجواب الحتمي: بلى، فإذا كان الأمر كذلك وقد أخبرنا الله أنه سيعيدنا فلا بد من الإعادة، وقد أخبرنا عزّ وجل أنه سيحاسبنا فلا بد من الحساب، وإذا كان حساب فلا بد من تكليف في هذه الدار، والتكليف يقتضى إرسال رسول، وانزال وحى، وقد كان

<<  <  ج: ص:  >  >>