بمناسبة قوله تعالى: لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ قال ابن كثير:
(أخبر عزّ وجل عن عباده السعداء أن لهم غرفا في الجنة وهي القصور أي: الشاهقة مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ طباق فوق طباق مبنيات محكمات، مزخرفات عاليات.
روى عبد الله بن الإمام أحمد عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «إن في الجنة لغرفا يرى بطونها من ظهورها، وظهورها من بطونها» فقال أعرابي: لمن هي يا رسول الله؟ قال صلّى الله عليه وسلم «لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وصلى بالليل والناس نيام» ورواه الترمذي من حديث عبد الرحمن بن إسحاق، وقال: حسن غريب، وقد تكلم بعض أهل العلم فيه من قبل حفظه وروى الإمام أحمد عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «إن في الجنة لغرفا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدّها الله لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى والناس نيام» تفرّد به أحمد.
وروى الإمام أحمد أيضا عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال «إن أهل الجنة ليتراءون الغرفة في الجنة كما تراءون الكوكب في أفق السماء» قال: فحدثت بذلك النعمان بن أبي عياش فقال: سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: «كما تراءون الكوكب الذي في الأفق الشرقي أو الغربي» أخرجاه في الصحيحين وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إن أهل الجنة ليتراءون في الجنة أهل الغرف كما تراءون الكوكب الدري الغارب في الأفق الطالع في تفاضل أهل الدرجات» فقال يا رسول الله أولئك النبيون؟ فقال صلّى الله عليه وسلم «بلى والذي نفسي بيده، وأقوام آمنوا بالله وصدقوا الرسل» ورواه الترمذي، وقال حسن صحيح. وروى الإمام أحمد عن أبي المدلة مولي أم المؤمنين رضي الله عنها أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قلنا يا رسول الله إذا رأيناك رقت قلوبنا وكنا من أهل الآخرة، فإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا، وشممنا النساء والأولاد، قال صلّى الله عليه وسلم:«لو أنكم تكونون على كل حال على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة بأكفهم، ولزارتكم في بيوتكم؛ ولو لم تذنبوا لجاء الله عزّ وجل بقوم يذنبون كي يغفر لهم» قلنا: يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها؟ قال صلّى الله عليه وسلم:
«لبنة ذهب، ولبنة فضة، وملاطها المسك الأزفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت. لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه، ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم