طبعه وتكوينه. وهو يمد ببصره دائما إلى ما وراء اللحظة الحاضرة، يريد ليتناوله بيده، ويريد ليحقق كل ما يخطر له بمجرد أن يخطر بباله، ويريد أن يستحضر كل ما يوعد به ولو كان في ذلك ضرره وإيذاؤه .. ذلك إلا أن يتصل بالله فيثبت ويطمئن، ويكل الأمر له فلا يتعجل قضاءه. والإيمان ثقة وصبر واطمئنان).
وقال ابن كثير:(والحكمة في ذكر عجلة الإنسان هاهنا أنه لما ذكر المستهزئين بالرسول صلى الله عليه وسلم وقع في النفوس سرعة الانتقام منهم واستعجلت ذلك فقال الله تعالى له خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ لأنه تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته يؤجل ثم يعجل وينظر ثم لا يؤخر
وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أي إتيان العذاب يقولون هذا تكذيبا وجحودا وكفرا وعنادا واستبعادا والجواب
لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ أي لو يعلمون الوقت الذي يستعجلونه بقولهم متى هذا الوعد؟! وهو وقت تحيط بهم فيه النار من وراء وقدام، فلا يقدرون على دفعها ومنعها من أنفسهم، ولا يجدون ناصرا ينصرهم لما كانوا بتلك الصفة من الكفر والاستهزاء والاستعجال، ولكن جهلهم به هو الذي هونه عندهم
بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً أى بل تأتيهم الساعة فجأة، أو بل تأتيهم النار فجأة فَتَبْهَتُهُمْ أي فتحيرهم وتذعرهم فيستسلمون لها حائرين لا يدرون ما يصنعون فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها أي ليس لهم حيلة في ذلك أي فلا يقدرون على دفعها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ أي ولا هم يمهلون أي لا يؤخر عنهم ذلك ساعة واحدة.
[كلمة في السياق]
١ - مرت معنا حتى الآن مقدمة السورة وأربع مجموعات: المجموعة الأولى بدأت بقوله تعالى ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ
والمجموعة الثانية بدأت بقوله تعالى: وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ
والمجموعة الثالثة بدأت بقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ.
والمجموعة الرابعة بدأت بقوله تعالى: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ.
فالملاحظ أن كلمة (ما) أو (وما) هي بداية المجموعات الأربع، وسنرى أن آخر