بأعمالكم، فمجاز عليها من منع واجب وغيره، لم يبق إلا المسارعة إلى الخروج عن عهدة الواجب، والاستعداد للقاء الله تعالى.
[كلمة في السياق]
وصف الله المتقين في أول سورة البقرة بقوله: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وهذا يعني أن الكافرين والمنافقين لا ينفقون، وهذا الذي صرح به القرآن في أكثر من مكان كقوله تعالى: وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ والَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ* فعند ما يأتي أمر للمؤمنين بالإنفاق في سورة (المنافقون) فذلك يفيد أن عدم الإنفاق من صفات المنافقين، كما يفيد أن الإنفاق مع الذكر هو الطريق للخلاص من النفاق، وعلى هذا فالفقرة الأخيرة زادتنا معرفة في أخلاق المنافقين، ودلتنا على طريق الخلاص من النفاق بما لا يخرج عن التحقق بصفات المتقين.
[الفوائد]
١ - بمناسبة الكلام عن المنافقين في سورة (المنافقون) ذكر ابن كثير هذا الحديث: (روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن للمنافقين علامات يعرفون بها: تحيتهم لعنة، وطعامهم نهبة، وغنيمتهم غلول، ولا يقربون المساجد إلا هجرا، ولا يأتون الصلاة إلا دبرا، مستكبرين لا يألفون ولا يؤلفون، خشب بالليل صخب بالنهار).
٢ - بمناسبة قوله تعالى: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال صاحب الظلال رحمه الله: (وهي قولة يتجلى فيها خبث الطبع، ولؤم النحيزة. وهي خطة التجويع التي يبدو أن خصوم الحق والإيمان يتواصون بها على اختلاف الزمان والمكان، في حرب العقيدة ومناهضة الأديان. ذلك أنهم- لخسة مشاعرهم- يحسبون لقمة العيش هي كل شئ في الحياة كما هي في حسهم فيحاربون بها المؤمنين.
إنها خطة قريش وهي تقاطع بني هاشم في الشعب لينفضوا عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسلموه للمشركين!
وهي خطة المنافقين كما تحكيها هذه الآية لينفض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه