وَالْفَجْرِ، لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ، وَالشَّمْسِ وَضُحاها، وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى، وَالضُّحى. ثم سورة مبدوءة باستفهام أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ.
[فهل هناك تعليل شامل لهذه الظاهرة]
إننا الآن نقول باختصار:(وسنرى الدليل على ذلك شيئا فشيئا):
إن فواتح السور هي بعض المفاتيح التي تتعرف بها على الرابطة بين أقسام القرآن، وبين مجموعات هذه الأقسام، وبين تسلسل السور ضمن القسم الأول أو المجموعة الواحدة، فهي من مفاتيح الوحدة القرآنية المعجزة، ولو أننا أردنا أن ندلل على هذا الموضوع هاهنا لتعثر القارئ ولطال البحث وتعقد، ولذلك فإننا سنعرض لأدلة هذا الموضوع شيئا فشيئا، فإنه موضوع يصعب التدليل عليه إلا من خلال السير الشامل والوقوف عند كل سورة وبدايتها، والتدليل آت بإذن الله تعالى.
[فصل في الحروف التي بدأت بها بعض السور]
هذه الحروف التي بدأت بها بعض سور القرآن مثل (الم) * أو (المص) أو (الر) * أو (أَحْرَصَ) * وقف عندها بعض المفسرين كثيرا، وبعضهم لم يقف واكتفى بأن يذكر بعد الواحدة منها: الله أعلم بمراده. والذين وقفوا عندها إما واحد أراد أن يعطيها تفسيرا فاعتبر كل حرف هو جزء لكلمة تدل عليها، ثم حاول أن يجد الكلمة التي يدل عليها الحرف، وإما واحد اعتبرها رموزا على أزمنة، وحاول من خلال ما اعتاده العرب أن يعطوا كل حرف رقمه الحسابي وأن يستخرج نبوءات زمنية، وإما واحد اكتفى بأن يسجل ملاحظة حول هذه الأحرف، ومن أهم الملاحظات التي سجلت خلال العصور أنه حيث وردت هذه الأحرف في سورة فإن السورة لها صلة في الحديث عن القرآن.
ومن ثم اعتبروا أن ذكر هذه الأحرف فيه إشارة إلى الإعجاز، وفيه مظهر من مظاهر التحدي، وقد عبر سيد قطب- رحمه الله- في ظلاله عن هذا المعنى تعبيرا طيبا.
يقول الأستاذ سيد قطب- رحمه الله- في ظلاله عند الكلام عن (الم) في سورة البقرة: «ومثل هذه الأحرف يجيء في مقدمة بعض السور القرآنية وقد وردت في