للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعال المختار القادر على كل شئ فَلَمَّا رَآها أي رأى العصا تَهْتَزُّ أي تتحرك كَأَنَّها جَانٌّ كأنها حية من نوع الجان. قال ابن كثير: والجان ضرب من الحيات أسرعه حركة، وأكثره اضطرابا وَلَّى موسى مُدْبِراً أي منهزما خوفا من وثوب الحية عليه وَلَمْ يُعَقِّبْ أي ولم يلتفت من شدة خوفه فنودي يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ أي لا يخاف عندي المرسلون حال خطابي إياهم، أو لا يخاف لدي المرسلون من غيري. قال ابن كثير في الآية: أي لا تخف مما ترى فإني أريد أن أصطفيك رسولا، وأجعلك نبيا وجيها

إِلَّا مَنْ ظَلَمَ أي لكن من ظلم من غيرهم لأن الأنبياء لا يظلمون ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ أي أتبع توبة بعد زلة فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ أي فإني أقبل توبته، وأغفر زلته، وأرحمه فأحقق أمنيته. قال النسفي: وكأنه تعريض بما قال موسى حين قتل القبطي رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ قال ابن كثير: (وفيه بشارة عظيمة للبشر، وذلك أن من كان على عمل سيئ، ثم أقلع عنه ورجع وتاب وأناب فإن الله يتوب عليه) ويحتمل أن يكون المعنى: إلا من ظلم من المرسلين بأن فعل غير ما أذنت له مما يجوز على الأنبياء، وليس من باب المعاصي، ولكنه لعلو مقامهم يعتبر ظلما من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين. فإذا وقع الرسول بشيء من ذلك فتاب فإن الله يتوب عليه ويغفر له رحمة به

وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ أي في جيب قميصك وهو فتحة الثوب من العنق وأخرجها بعد إدخالها تَخْرُجْ بَيْضاءَ أي نيرة مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ أي خارجين عن الطاعة

فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً أي بينه واضحة ظاهرة قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ أي واضح ظاهر لمن تأمله

وَجَحَدُوا بِها أي بألسنتهم وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ أي علموا في أنفسهم أنها حق؛ ولكن جحدوها وعاندوها وكابروها ظُلْماً أي ظلما من أنفسهم، سجسة ملعونة، وأي ظلم

أفحش من ظلم من استيقن أنها آيات من عند الله، ثم سماها سحرا بينا؟ وَعُلُوًّا أي وترفعا عن الإيمان بما جاء به موسى.

قال النسفي: أي استكبارا عن اتباع الحق فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ قال النسفي: وهو الإغراق هنا والإحراق ثمة. وقال ابن كثير: (أي انظر يا محمد كيف كان عاقبة أمرهم في إهلاك الله إياهم، وإغراقهم عن آخرهم في صبيحة واحدة، فحوى الخطاب يقول احذروا أيها المكذبون لمحمد، الجاحدون لما جاء به من ربه، أن يصيبكم ما أصابهم بطريق الأولى والأخرى؛ فإن محمدا صلى الله عليه وسلم أشرف وأعظم من

<<  <  ج: ص:  >  >>