يستفيد من كتاب الله، فإذ يتذكر المسلم ما أمروا به، وما فعلوه، وما عوقبوا به نتيجة لذلك فإنه يكون قد استفاد من الدرس.
[الدرس الأول]
وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ الميثاق هو العهد المؤكد غاية التوكيد لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ هذا إخبار في معنى النهي وهو أبلغ من صريح الأمر والنهي لأنه كأنه سورع إلى الانتهاء والامتثال وهو يخبر عنه وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى أي القرابة وَالْيَتامى جمع يتيم: وهو الذي فقد أباه قبل الحلم إلى الحلم وَالْمَساكِينِ جمع مسكين وهو الذي أسكنته الحاجة وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً أي قولا هو الحسن في نفسه لإفراط حسنة، يذكر تبارك وتعالى بني إسرائيل بما أمرهم به من الأوامر وأخذ ميثاقهم على ذلك، وأنهم تولوا عن ذلك كله، وأعرضوا قصدا وعمدا وهم يعرفونه، ويتذكرونه، فأمرهم تعالى أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وبهذا أمر جميع خلقه، ولذلك خلقهم، وهذا هو أعلى الحقوق، وأعظمها، وهو حق الله تبارك وتعالى أن يعبد وحده لا شريك له، ثم بعده حق المخلوقين وأكبرهم وأولادهم بذلك حق الوالدين، والأقربين، ثم اليتامى والمساكين، فهؤلاء يستحقون الإحسان؛ لأن اليتامى لا كاسب لهم؛ والمساكين لا يجدون ما ينفقون على أنفسهم وأهليهم، أما الناس كل الناس فلهم الكلمة الطيبة ولين الجانب وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً قال الحسن البصري:«فالحسن من القول يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحلم ويعفو ويصفح ويقول للناس حسنا» وقد ناسب أن يأمر بالإحسان بالقول بعد الإحسان في الفعل؛ ليجتمع طرفا الإحسان الفعلي والقولي، ثم أكد الأمر بعبادته والإحسان إلى الناس بالمتعين من ذلك، وهو الصلاة والزكاة وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثم أخبر أنهم تولوا عن ذلك كله ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ أي تركوا كل ما أمروا به ونهوا عنه وراء ظهورهم، وأعرضوا عنه على عمد، بعد العلم به إلا القليل منهم. وقد أمر الله هذه الأمة بنظير ذلك في سورة النساء كما سنرى، وكم من هذه الأمة قد أعرض. بينت هذه الآية كيف كان موقفهم القولي، وإعراضهم عن العبادة، والإحسان الفعلي، والقولي، وعن الصلاة والزكاة.
وبمناسبة هذه الآية فلنذكر بهذين الحديثين:
في الصحيحين عن ابن مسعود «قلت: يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال:
الصلاة على وقتها. قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في