مواقفهم من البعثة والرسول، ويرد عليه، وصلة ذلك بمقدمة السورة واضحة، وصلة ذلك بمحور السورة واضحة كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فها هم الناس أصبحوا أمة واحدة، وها أن الله قد أرسل لهم محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا، وأنزل عليه القرآن فكيف استقبل الكافرون القرآن؟ ردت على ذلك الآيات السابقة، وماذا قالوا في الرسول؟ هذا الذي سنراه فيما يأتي.
[فائدة]
نلاحظ أن بدء النبوة كان بعد إذ أصبح الناس كلهم كافرين، وأن ختم النبوة كان برسالة محمد بعد إذ أصبح الناس كلهم كافرين، ومن حكم ختم النبوة أن البشرية لن تعود مرة ثانية إلى أن تصبح كافرة، ففي الحديث «لن تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله» ثم إن القرآن الذي يقوم بعملية النذارة والبشارة محفوظ إلى قيام الساعة؛ ومن ثم فلا حاجة إلى بعثة جديدة، وإنما الحاجة إلى تجديد، وهذا يقوم به أولياء هذه الأمة وعلماؤها «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل قرن من يجدد لها أمر دينها» ولنعد إلى التفسير:
وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يسمونه رسولا من باب السخرية كأنهم قالوا: أي شئ لهذا الزاعم أنه رسول يَأْكُلُ الطَّعامَ كما نأكله، ويحتاج إليه كما نحتاج إليه وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ أي يتردد فيها وإليها؛ طلبا للتكسب والتجارة لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً يقولون: هلا أنزل إليه ملك من عند الله فيكون شاهدا على صدق ما يدعيه
أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ ينفق منه أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها أي تسير معه حيث سار وَقالَ الظَّالِمُونَ دل هذا على أن اقتراحاتهم كلها وأقوالهم كلها من باب الظلم إِنْ تَتَّبِعُونَ أي ما تتبعون إن اتبعتم إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً أي رجلا سحر فجن.
يقولون: إن صح أنه رسول الله فما باله يأكل الطعام كما نأكل، ويتردد في الأسواق لطلب المعاش كما نتردد؟؟ يعنون أنه كان يجب أن يكون ملكا مستغنيا عن الأكل والتعيش، ثم نزلوا عن ذلك الاقتراح إلى أن يكون مرفودا بكنز يلقى إليه من السماء، يستظهر به ولا يحتاج إلى تحصيل المعاش، ثم نزلوا إلى أن يكون رجلا له بستان يأكل منه