إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ أي إني رسول من الله إليكم، أمين فيما بعثني الله به، أبلغكم رسالات ربي، ولا أزيد فيها ولا أنقص منها
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ فيما آمركم به وأدعوكم إليه من الحق
وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أي على هذا الأمر مِنْ أَجْرٍ أي جزاء إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ أي لا أطلب منكم جزاء على نصحي لكم بل أدخر ثواب ذلك عند الله
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ أي فقد وضح لكم وبان صدقي ونصحي وأمانتي فيما بعثني الله وائتمنني عليه، فحق عليكم أن تجمعوا بين تقوى الله وطاعتي. قال النسفي:(كرره ليقرره في نفوسهم، مع تعليق كل واحد منهما بعلة، فعلة الأول كونه أمينا فيما بينهم، وعلة الثاني حسم طمعه منهم، كأنه قال: إذا عرفتم رسالتي وأمانتي فاتقوا الله، ثم إذا عرفتم احترازي من الأجر فاتقوا الله).
[كلمة في السياق]
نلاحظ أنه قد جاء في قصة نوح عليه السلام قوله تعالى: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وفي قصة هود جاء قوله تعالى: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ثم بعد أربع آيات جاء قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وفي قصة صالح إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ* إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ثم بعد أربع آيات يأتي قوله تعالى فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وفي قصة لوط يأتي قوله تعالى: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ثم لا يتكرر الأمر فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وفي قصة شعيب يأتي قوله تعالى: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ثم يأتي بعد ثلاث آيات وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ وفي كل مرة يتكرر قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ يكون لذلك نكتة سنراها، وحيث لا يتكرر فلذلك نكتة كذلك سنراها، وبشكل عام فإن كل رسول طالب قومه بالتقوى والطاعة، وأعلن أنه لا يريد على دعوته أجرا دنيويا مما يدل على أن الطاعة التي يريدها الرسل هي من أجل كمال الإنسان، وليست من أجل مقصد دنيوي، كما يطلبها أهل الدنيا استزادة للجاه، أو