المقولة الأولى لليهود والنصارى في هذه الفقرة والرد عليها، فالله عزّ وجل ذو العدل الكامل والكمال المطلق، يدخل جنته بالإسلام له والإخلاص له والعمل بشرعه، وليس دخول الجنة بالأماني والتمنيات.
[كلمة في السياق]
- مر معنا في الفقرة الثانية من الفصل الثاني قوله تعالى وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ وقد جاء في هاتين الآيتين تفصيل لنوع أمانيهم الباطلة وهي اعتقادهم أنهم سيد خلون الجنة بلا إحسان ولا إسلام. ومن كان يعتقد أن الجنة خالصة له فكيف ينتقل مما هو فيه إلى شئ آخر! إن صلة ذلك بقوله تعالى أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ ... لا تخفى.
- إن الآيتين تبينان ضمنا أن من اجتمع له الإسلام والإحسان في العمل هو الذي يدخل الجنة، وأن اليهود والنصارى ليسوا كذلك مع اعتقاد كل منهم أن له الجنة، فهل يليق والأمر كذلك أن يتابع أهل الإسلام أمثال هؤلاء: ومن هنا نجد الآيتين مرتبطتين بقوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا .. فههنا مزيد بيان في شأن ترك متابعة أهل الكتاب.
وبعد هذه المقولة لأهل الكتاب والرد عليها تأتي المقولة الثانية:
تبين هذه الآية أن كل فئة من الناس تدعي أنها على الحق وأن غيرها على باطل، اليهود يدعون هذا والنصارى يدعون هذا، والذين لا يؤمنون بكتاب أصلا يدعون هذا كذلك، والله وحده هو الحكم فيما اختلف فيه الناس، واليوم الذي سيحكم فيه هو يوم القيامة.
وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ أي على شئ يصح ويعتد به، وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ أي يصح ويعتد به. بين الله تعالى بهذا تناقضهم وتباغضهم وتعاديهم وتعاندهم. وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ أي والحال أنهم من أهل العلم والتلاوة للكتب، وحق من حمل التوراة والإنجيل وآمن به ألا يكفر بالباقي، لأن كل واحد من الكتابين مصدق للآخر، فشريعة التوراة والإنجيل كل منهما قد كانت