نلاحظ أن القسم الثاني من هذه السورة بدأ بقوله تعالى: وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ ... واستمر حتى وصل إلى ما نحن فيه. فلنلاحظ أن بداية هذه المجموعة- وهي خاتمة السورة- مبدوءة بقوله تعالى: وَما كُنْتَ. لقد بدأت المجموعة الأولى بالحديث عما تثبت به نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بالبناء على ما ورد في القسم الأول وتأتي هذه المجموعة في خاتمة القسم الثاني لتذكر محمدا صلى الله عليه وسلم بنعمة الله عليه، وهي نعمة لم يكن يتوقعها ويرجوها، ثم تأمره بمجموعة أوامر ونواه هي الشكر المقابل لهذه النعمة. فالسياق كله يصب في طريق واحد فلنر تفسير المجموعة:
وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ أي وما كنت تظن قبل إنزال الوحي إليك أن الوحي سينزل عليك إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ أي ولكن رحمة من ربك أنزل إليك أي إنما أنزل الوحي عليك من الله من رحمته بك وبالعباد بسببك فإذا منحك هذه النعمة العظيمة فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً أي معينا لِلْكافِرِينَ قال ابن كثير: ولكن فارقهم ونابذهم وخالفهم.