ولا في نظامها وحركتها عن هذا الكون وما فيه ومن فيه.
يهدي إلى صراط العزيز الحميد بما ينشئه في إدراك المؤمن من تصور للوجود وروابطه وعلاقاته وقيمه؛ ومكان هذا الإنسان منه، ودوره فيه؛ وتعاون أجزاء هذا الكون من حوله- وهو معها- في تحقيق مشيئة الله وحكمته في خلقه؛ وتناسق حركات الجميع وتوافقها في الاتجاه إلى بارئ الوجود.
ويهدي إلى صراط العزيز الحميد بتصحيح منهج التفكير، وإقامته على أسس سليمة، متّفقة مع الإيقاعات الكونية على الفطرة البشرية؛ بحيث يؤدي هذا المنهج بالفكر البشري إلى إدراك طبيعة هذا الكون وخواصّه وقوانينه، والاستعانة بها، والتجاوب معها بلا عداء ولا اصطدام ولا تعويق.
ويهدي إلى صراط العزيز الحميد بمنهجه التربوي الذي يعدّ الفرد للتجاوب والتناسق مع الجماعة البشرية. ويعدّ الجماعة البشرية للتجاوب والتناسق- أفرادا وجماعات- مع مجموعة الخلائق التي تعمر هذا الكون! ويعدّ هذه الخلائق كلها للتجاوب والتناسق مع طبيعة الكون الذي تعيش فيه .. كل ذلك في بساطة ويسر ولين.
ويهدي إلى صراط العزيز الحميد بما فيه من نظم وتشريعات مستقيمة مع فطرة الإنسان وظروف حياته ومعاشه الأصيلة، متناسقة مع القوانين الكلية التي تحكم بقية الأحياء، وسائر الخلائق؛ فلا يشذّ عنها الإنسان بنظمه وتشريعاته. وهو أمة من هذه الأمم في نطاق هذا الكون الكبير.
إن هذا الكتاب هو الدليل إلى هذا الصراط. الدليل الذي وضعه خالق الإنسان وخالق الصراط، العارف بطبيعة هذا وذاك. وإنك لتكون حسن الطالع وأنت تقوم برحلة في طريق لو حصلت على دليل من وضع المهندس الذي أنشأ هذا الطريق.
فكيف بمنشئ الطريق ومنشئ السالك في الطريق!؟).
كلمة في السياق:[حول صلة المقطع الأول بمقدمة السورة وبالمحور]
في مقدمة السورة قرر الله عزّ وجل أن له الحمد في الآخرة كما رأينا، وهذا إثبات لليوم الآخر، ثم جاء المقطع الأول يذكر كفر الكافرين بالآخرة، ويردّ عليهم، ويذكر حكمة مجئ اليوم الآخر، ففيما بين المقدمة والمقطع الأول صلة ظاهرة، وأما صلة المقطع بمحور السورة فذلك أنّ محور السورة هو كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً