فدنوت منه فأسبل عليّ شملة وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى، فأخبرته خبر القوم، وأخبرته أني تركتهم يرتحلون وأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً. وأخرج أبو داود في سننه كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى، من حديث عكرمة بن عمار به، وقوله تعالى: إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ أي الأحزاب وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ تقدم عن حذيفة رضي الله عنه أنهم بنو قريظة وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ أي من شدة الخوف والفزع وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا قال ابن جرير: ظن بعض من كان مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن الدائرة على المؤمنين، وأن الله سيفعل ذلك، وقال محمد بن إسحاق في قوله تعالى:
وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا وظن المؤمنون كل ظن ونجم النفاق حتى قال معتب بن قشير أخو بني عمرو بن عوف: كان محمد
يعدنا أن نأكل كسرى وقيصر، وأحدنا لا يقدر على أن يذهب إلى الغائط، وقال الحسن في قوله عزّ وجل: وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ظنون مختلفة، ظن المنافقون أن محمدا صلّى الله عليه وسلم وأصحابه يستأصلون، وأيقن المؤمنون أن ما وعد الله ورسوله حق، وأنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون. وروى ابن أبي حاتم عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قلنا يوم الخندق يا رسول الله هل من شئ نقول فقد بلغت القلوب الحناجر؟ قال صلّى الله عليه وسلم:«نعم، قولوا اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا»، قال:
فضرب وجوه أعدائه بالريح فهزمهم الريح، وكذا رواه الإمام أحمد بن حنبل عن أبي عامر العقدي.
في سبب نزول قوله تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ قال ابن كثير: قال أنس: عمي أنس ابن النضر رضي الله عنه سميت به لم يشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم بدر، فشق عليه وقال أول مشهد شهده رسول الله صلّى الله عليه وسلم غبت عنه، لئن أراني الله تعالى مشهدا فيما بعد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليرين الله عزّ وجل ما أصنع. قال: فهاب أن يقول غيرها فشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم أحد، فاستقبل سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال له أنس رضي الله عنه: يا أبا عمرو: أين؟ واها لريح الجنة إني أجده دون أحد، قال: فقاتلهم حتى قتل رضي الله عنه، قال: فوجد في جسده بضع وثمانون بين ضربة وطعنة ورمية، فقالت أخته عمتي الربيع بنت النضر فما عرفت أخي إلا ببنانه، قال: فنزلت هذه الآية مِنَ