في هذا النص إنكار على اليهود والنصارى المتمسكين- فيما يزعمون- بكتابيهم اللذين بأيديهم وهما التوراة والإنجيل، وإذا دعوا إلى التحاكم إلى ما فيهما من طاعة الله فيما أمرهم به فيهما من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، تولوا وهم معرضون عنهما، وهذا في غاية ما يكون من ذمهم وفضحهم بذكرهم بالمخالفة والعناد.
ثم بين الله تعالى أنه إنما حملهم وجرأهم على مخالفة الحق افتراؤهم على الله فيما ادعوه لأنفسهم أنهم إنما يعذبون في النار أياما قليلة، فهذا الذي يثبتهم على دينهم الباطل، وإنما هو افتراء افتروه، واختلاق لم ينزل الله به سلطانا، خدعوا به أنفسهم.
ثم هددهم الله عزّ وجل، وتوعدهم بعد أن افتروا على الله، وكذبوا رسله، وقتلوا أنبياءه، وقتلوا العلماء من قومهم الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر. بأنه سائلهم عن ذلك كله، وحاكم عليهم، ومجازيهم به إذا جمعهم ليوم لا شك في وقوعه، فيه توفى كل نفس كسبها دون أن تظلم شيئا.
[المعنى الحرفي]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ أي حظا من التوراة. يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ أي التوراة. لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ.
وهذا التولي والإعراض عجيب منهم إذ علموا أن الرجوع إلى كتاب الله واجب، ولكنهم قوم الإعراض حالهم وديدنهم.
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ أي ذلك التولي والإعراض بسبب تسهيلهم على أنفسهم أمر العقاب، وطمعهم في الخروج من النار بعد أيام قلائل من دخولها، أربعين يوما، أو سبعة أيام وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ أي غرهم افتراؤهم على الله. يكذبون على الله، ثم يصدقون كذبهم.
فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ أي فكيف يكون حالهم في ذلك الوقت يوم يجمعهم الله يوم القيامة وهو اليوم الذي لا شك فيه. وَوُفِّيَتْ