شيئا أتخوف مثل الذي تخاف. قال: وإن الرجل ليلقى ابنه فيتعلق به، فيقول: يا بني أي والد كنت لك؟ فيثني عليه بخير. فيقول له: يا بني إني احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك لعلي أنجو بها مما ترى، فيقول ولده: يا أبت ما أيسر ما طلبت ولكني أتخوف مثل الذي تتخوف فلا أستطيع أن أعطيك شيئا، يقول الله تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ وفي الحديث الصحيح في أمر الشفاعة أنه إذا طلب إلى كل من أولي العزم أن يشفع عند الله في الخلائق يقول: نفسي لا أسألك إلا نفسي، حتى إن عيسى ابن مريم يقول لا أسأله اليوم إلا نفسي، لا أسأله مريم التي ولدتني ولهذا قال تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ قال قتادة الأحب فالأحب والأقرب فالأقرب من هول ذلك اليوم.)
لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ في نفسه يُغْنِيهِ أي: يكفيه في الاهتمام به ويشغله عن غيره
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ أي: مضيئة، قال النسفي: من قيام الليل أو من آثار الوضوء، قال ابن كثير: أي: يكون الناس هنالك فريقين وجوه مسفرة أي: مستنيرة
ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ أي: مسرورة فرحة من السرور في قلوبهم، قد ظهر البشر على وجوههم، وهؤلاء هم أهل الجنة
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ أي: غبار
تَرْهَقُها قَتَرَةٌ أي: يعلو الغبرة سواد كالدخان، قال النسفي: ولا ترى أوحش من اجتماع الغبرة والسواد في الوجه
أُولئِكَ أي: أهل هذه الحالة هُمُ الْكَفَرَةُ في حقوق الله الْفَجَرَةُ في حقوق العباد، قال ابن كثير: أي: الكفرة في قلوبهم، الفجرة في أعمالهم. قال النسفي: ولما جمعوا الفجور إلى الكفر جمع إلى سواد وجوههم الغبرة.
[كلمة في السياق]
١ - في الفقرة الأخيرة تبيان لحال الناس يوم القيامة، وفي ذلك تهييج على ترك الكفر، وعلى القيام بالشكر، وتبيان لحاجة الخلق إلى الله، وافتقارهم إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك تتمة التذكير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يدفعه الحرص على إسلام الكافرين إلى أن يقصر في حقوق المسلمين المقبلين عليه، وفي
الفقرة كذلك بيان إلى أنه لا بد من كافر ومؤمن، وفي ذلك درس لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أن تستقر في نفسه هذه الحقيقة فلا تحمله الشفقة بخلق الله على التفريط بحق عباد الله، حرصا على إسلام الخلق كلهم ما دام الأمر في حكمة الله وقضائه كذلك، نسأل الله أن يحيينا مؤمنين مسلمين محسنين متقين، وأن يميتنا ويحشرنا على ذلك.