للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاجر إلا إذا خافت ألا يقيما حدود الله، والفجور يعم الزنا وغيره» ويستند الحنفية فيما ذهبوا إليه على حديث بعض أسانيده جيدة هو: «جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن عندي امرأة من أحب الناس إلي، وهي لا تمنع يد لامس قال: طلقها، قال لا صبر لي عنها قال: استمتع بها» وكما ترى فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالطلاق ابتداء.

وعلى كل الأحوال فإن عدم وجوب التطليق لا يعني الرضا بالفاحشة؛ إذ الرضى بالفاحشة مع استحلالها كفر، والرضى بالفاحشة مع الركون إليها وألفتها- ولو بلا استحلال- كبيرة. قال عليه الصلاة والسلام: «ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة:

مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث» رواه الإمام أحمد.

[الفوائد]

١ - عند قوله تعالى الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ (يذكر عادة موضوعان) الأول هو هل مع جلد المائة توجد عقوبة أخرى للبكر أو لا؟ والموضوع الثاني ما هو حد المحصن أي المتزوج؟. قال ابن كثير: (هذه الآية الكريمة فيها حكم الزاني في الحد، وللعلماء فيه تفصيل ونزاع فإن الزاني لا يخلو إما أن يكون بكرا وهو الذي لم يتزوج، أو محصنا وهو الذي قد وطئ في نكاح صحيح وهو حر بالغ عاقل، فأما إذا كان بكرا لم يتزوج فإن حده مائة جلدة كما في الآية، ويزاد على ذلك أن يغرب عاما عن بلده عند جمهور العلماء، خلافا لأبي حنيفة رحمه الله، فإن عنده أن التغريب إلى رأي الإمام إن شاء غرب وإن شاء لم يغرب، وحجة الجمهور في ذلك ما ثبت في الصحيحين من رواية الزهري ...... عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني في الأعرابيين اللذين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: يا رسول الله إن ابني هذا كان عسيفا- يعني أجيرا- على هذا فزنى بامرأته، فافتديت ابني منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا: الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله تعالى، الوليدة والغنم رد عليك، وعلى ابنك مائة جلدة وتغريب عام. واغد يا أنيس- لرجل من أسلم- إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها» فغدا عليها فاعترفت فرجمها. وفي هذا دلالة على تعريب الزاني مع جلد مائة إذا كان بكرا لم يتزوج فأما إذا كان محصنا وهو الذي قد وطئ في نكاح صحيح وهو حر بالغ عاقل فإنه يرجم كما قال الإمام مالك ... عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن ابن عباس أخبره أن عمر

<<  <  ج: ص:  >  >>