قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:(أما بعد أيها الناس فإن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها ووعيناها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى أن يطول بالناس زمان أن يقول قائل لا نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله، فالرجم في كتاب الله حق، على من زنى إذا أحصن، من الرجال ومن النساء، إذا قامت البينة أو الحبل أو الاعتراف) أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك مطولا وهذه قطعة منه فيها مقصودنا هاهنا وروى الإمام أحمد .. عن عبد الرحمن بن عوف أن عمر بن الخطاب خطب الناس فسمعته يقول:(ألا وإن ناسا يقولون ما الرجم في كتاب الله، وإنما فيه الجلد، وقد رجم رسول الله ورجمنا بعده، ولولا أن يقول قائل أو يتكلم متكلم أن عمر زاد في كتاب الله ما ليس منه لأثبتها كما نزلت به) وقد روى الإمام أحمد .. عن ابن عباس قال:«خطب عمر ابن الخطاب فذكر الرجم فقال لا نجد من الرجم بدا فإنه حد من حدود الله تعالى، ألا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ورجمنا بعده، ولولا أن يقول قائلون أن عمر زاد في كتاب الله ما ليس فيه لكتبت في ناحية من المصحف، وشهد عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف وفلان وفلان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ورجمنا بعده، ألا إنه سيكون قوم من بعدكم يكذبون بالرجم، والشفاعة، وبعذاب القبر، وبقوم يخرجون من النار بعد ما امتحشوا».
روى أحمد .. عن عمر بن الخطاب:«إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم» وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي .. قال ابن عمر نبئت عن كثير بن الصلت قال: كنا عند مروان ..
وفينا زيد، فقال زيد بن ثابت: كنا نقرأ: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة» وهذه طرق كلها متعددة متعاضدة ودالة على أن آية الرجم كانت مكتوبة فنسخ تلاوتها وبقي حكمها معمولا به والله أعلم.
٢ - وعند قوله تعالى وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ قال ابن كثير: وليس المنهي عنه الرأفة الطبيعية على ترك الحد، وإنما هي الرأفة التي تحمل الحاكم على ترك الحد، فلا يجوز ذلك قال مجاهد: وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ قال: إقامة الحدود إذا رفعت إلى السلطان فتقام ولا تعطل .. وقد جاء في الحديث «تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب» وفي الحديث الآخر «لحد يقام في الأرض خير لأهلها من أن يمطروا أربعين صباحا» وقيل المراد وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ