قال الألوسي في تقديمه لسورة المؤمنون (مكية كما أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفي البحر هي مكية بلا خلاف، واستثنى منها- كما في الإتقان- قوله تعالى حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ إلى قوله سبحانه مُبْلِسُونَ واستشكل الحكم على ما عداه بكونه مكيا لما فيه من ذكر الزكاة، وهي إنما فرضت بالمدينة، وأجيب بأنه بعد تسليم أن ما ذكر فيه يدل على فرضيتها يقال: إن الزكاة كانت واجبة بمكة، والمفروض بالمدينة ذات النصب، وستسمع تمام الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى، وهي كما في (كتاب العدد) للداني (ومجمع البيان) للطبرسي مائة وثمان عشرة آية في الكوفي، ومائة وسبع عشرة آية في الباقي، وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأول منها، فقد أخرج أحمد، والترمذي، والنسائي، والحاكم وصححه، والضياء في المختارة وغيرهم عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال:(كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي نسمع عند وجهه كدوي النحل، فأنزل عليه يوما، فمكثنا ساعة، فسرى عنه، فاستقبل القبلة، فرفع يديه فقال:«اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، واعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارض عنا وأرضنا» ثم قال: «لقد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ حتى ختم العشر) ومناسبتها لآخر السور قبلها ظاهرة لأنه تعالى خاطب المؤمنين بقوله سبحانه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا الآية وفيها لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فناسب أن يحقق ذلك فقال عز قائلا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ.
[قال صاحب الظلال في تقديمه لسورة (المؤمنون)]
وقال صاحب الظلال في تقديمه لسورة (المؤمنون):
(هذه سورة «المؤمنون» ... اسمها يدل عليها. ويحدد موضوعها .. فهي تبدأ بصفة المؤمنين، ثم يستطرد السياق فيها إلى دلائل الإيمان في الأنفس والآفاق. ثم إلى حقيقة الإيمان كما عرضها رسل الله- صلوات الله عليهم- من لدن نوح- عليه السلام- إلى محمد خاتم الرسل والنبيين؛ وشبهات المكذبين حول هذه الحقيقة واعتراضاتهم عليها، ووقوفهم في وجهها، حتى يستنصر الرسل بربهم، فيهلك المكذبين، وينجي المؤمنين ...... ثم يستطرد إلى اختلاف الناس- بعد الرسل- في تلك الحقيقة الواحدة التي لا تتعدد .. ومن هنا يتحدث عن موقف المشركين من الرسول- صلى الله عليه وسلم- ويستنكر هذا الموقف الذي ليس له مبرر .. وتنتهي السورة بمشهد من مشاهدة القيامة يلقون فيه عاقبة التكذيب، ويؤنبون على ذلك الموقف المريب، يختم