للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كلمة في سورة غافر ومحورها]

تبدأ السورة بآيتين هما قوله تعالى: حم* تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ* غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ وبعد ذلك يأتي قوله تعالى ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (الآية: ٤) ثم تسير السورة حتى تجد قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ .. (الآية: ١٠) ثم تتحدّث السورة عن أشياء كثيرة حتى تصل إلى قوله تعالى: الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (الآية: ٣٥) ثم تسير السورة فتحدّثنا عن معان كثيرة حتى تصل إلى قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (الآية: ٥٦) ثم تسير السورة فتحدّثنا عن معان كثيرة حتى تصل إلى قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ .. (الآية: ٦٩) ثم تسير السورة حتى تختتم بلفظ (الكافرون) في قوله تعالى: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ. (الآية: ٨٥).

إن افتتاح السورة وختمها بالكلام عن الكافرين يشعرنا أن السورة تفصّل بشكل أخصّ في قوله تعالى من مقدمة سورة البقرة: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ حتى لتكاد تكون هاتان الآيتان هما محور السورة.

ولكنا في الوقت نفسه نلاحظ أنّ السورة تفصّل فيما فصّلت فيه سورة الروم، إذ نجد تشابها كبيرا بين سورة الروم وسورة غافر. فمثلا في سورة الروم يتكرّر الكلام عن نصر الله عزّ وجل أكثر من مرة يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ونلاحظ أن سورة غافر ذكر فيها قوله تعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا

<<  <  ج: ص:  >  >>