المتقين. إذ الصوم شعارهم. والصيام هو الإمساك عن الطعام والشراب والجماع والمفطرات، من طلوع الفجر الصادق إلى الغروب، بنية الصوم لله عزّ وجل.
خاطب الله عزّ وجل المؤمنين من هذه الأمة آمرا لهم بالصيام، لما فيه من زكاة النفوس وطهارتها، وتنقيتها من الأخلاط الرذيلة. وذكر أنه إن أوجبه عليهم، فقد أوجبه على من كان قبلهم. فلهم فيهم أسوة. والحكمة من الصوم، تحصيل التقوى، لما في الصوم من تزكية للبدن، وتضييق مسالك الشيطان. ولهذا ثبت في الصحيحين:«يا معشر الشباب. من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج.
ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».
[فوائد]
١ - في كتاب الأركان الأربعة لأبي الحسن الندوي عرض للصوم كما هو الآن في الأديان العالمية الكبيرة، كالنصرانية، واليهودية، والهندوسية .. مما يثبت أن الصوم لم تخل منه ديانة. وهذا الذي ذكره القرآن هنا. ولكن أهل الأديان حرفوا، وبدلوا، وزادوا، ونقصوا كما هي عادتهم في كل شئ وسننقل كلام الأستاذ الندوي في نهاية الحديث عن الصوم.
٢ - إن الحكمة من فرض الصوم علينا هي الوصول إلى التقوى. فمن صام رمضان ثم لم يحصل التقوى فقد فرط، إن الإيمان بالغيب وإن التوحيد هما البذرة التي تتفرع عنهما شجرة الإسلام لتؤتي ثمارها، والصلاة هي الغذاء اليومي لهذه الثمرة، والإنفاق هو الذي يجتث الحشائش الضارة من أرض القلب، كالشح والبخل والحرص.
ويأتي الصوم ليضبط الاندفاعات النفسية الخاطئة في أخطر مظاهرها، شهوة الفرج، وشهوة البطن، إذ يعود المسلم على ضبط ذلك، ثم يأتي الحج ليسقي بذرة الإيمان تسليما. فبقدر ما يعطي المسلم لكل ركن من أركان الإسلام مداه في نفسه ومن نفسه فإنه يكمل بذلك وتكمل بذلك تقواه. إن الصوم تعويد للناس على ضبط شهواتها، كما أنه تخل لله عن شهوات النفس طاعة لله، وإن آثار ذلك لمن فعله إيمانا واحتسابا هي أن يكرم الله الصائم بتحقيقه بالتقوى التي فيها جماع خيرى الدنيا والآخرة، تلك هي الحكمة الرئيسية في الصوم وهي التي نصت عليها الآية الأولى من فقرة الصوم. فإذا