إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ أي مكروه لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ أي هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله لا يملكون من الأمر شيئا، فإن الله تعالى لو أرادني بسوء فإن هذه الأصنام لا تستطيع كشفه، ولا تملك دفع ذلك ولا منعه، ولا ينقذونني مما أنا فيه
إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي ظاهر بيّن أي إن اتخذتها آلهة من دون الله
إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ هل هذا القول قاله للرسل ليشهدوا له، أو قاله لقومه متحدّيا عند ما أخذوا يقتلونه؟ قولان
قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ دلّ على أنهم قتلوه فكافأه الله عزّ وجل بالجنة. قال ابن كثير: فدخلها فهو يرزق فيها، قد أذهب الله عنه سقم الدنيا وحزنها ونصبها. فلما رأى الثواب قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ
بِما غَفَرَ لِي رَبِّي أي بمغفرة ربي لي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ أي بالجنة بإيماني بربي، وتصديقي المرسلين. قال ابن كثير:(ومقصوده أنهم لو اطّلعوا على ما حصل لي من هذا الثواب والجزاء، والنعيم المقيم؛ لقادهم ذلك إلى اتّباع الرسل، فرحمه الله ورضي عنه، فلقد كان حريصا على هداية قومه)
وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد قتله مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ لتعذيبهم ونصر رسلنا وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ أي وما كان يصح في حكمتنا أن ننزل في إهلاك قومه جندا من السماء، وذلك لأن الله تعالى أجرى هلاك كل قوم على بعض الوجوه دون بعض لحكمة اقتضت ذلك. قال ابن مسعود: أي ما كاثرناهم بالجموع، الأمر كان أيسر من ذلك
إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً أي إن كانت الأخذة أو العقوبة إلا صيحة واحدة. قال ابن كثير:(قال المفسرون: بعث الله تعالى إليهم جبريل عليه الصلاة والسلام، فأخذ بعضادتي باب بلدهم، ثم صاح بهم صيحة؛ فإذا هم خامدون عن آخرهم، لم تبق بهم روح تتردد في جسد) فَإِذا هُمْ خامِدُونَ قال النسفي: (أي ميّتون كما تخمد النّار) والمعنى:
أن الله كفى أمرهم بصيحة ملك، ولم ينزل لإهلاكهم جندا من جنود السماء كما فعل يوم بدر والخندق
يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ أي يا ويل العباد. وقال قتادة أي يا حسرة العباد على أنفسهم على ما ضيّعت من أمر الله، وفرّطت في جنب الله. وقال النسفي: الحسرة: شدة الندم، وهذا نداء الحسرة عليهم، كأنما قيل لها تعالي يا حسرة، فهذه من أحوالك التي حقّك أن تحضري فيها وهي حال استهزائهم بالرسل، والمعنى: أنّهم أحقاء أن يتحسّر عليهم المتحسّرون ويتلهف على حالهم المتلهفون، أو هم متحسر عليهم من جهة الملائكة والمؤمنين من الثقلين. وقال ابن كثير: ومعنى هذا يا حسرتهم وندامتهم يوم القيامة، إذا عاينوا العذاب كيف كذّبوا رسل الله، وخالفوا