للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنع، أي: قادرين عليها وعلى منع منفعتها عن المساكين فيما يزعمون ويرومون

فَلَمَّا رَأَوْها أي: فلما رأوا جنتهم محرقة قالُوا في بديهة وصولهم إِنَّا لَضَالُّونَ أي: ضللنا جنتنا، وليست هذه هي؛ لما رأوا من هلاكها، فلما تأملوا وعرفوا أنها هي قالوا:

بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ أي: حرمنا خيرها لجنايتنا على أنفسنا.

قال ابن كثير: (أي: فلما وصلوا إليها وأشرفوا عليها، وهي على الحالة التي قال الله- عزّ وجل- قد استحالت عن تلك النضارة والزهرة وكثرة الثمار، إلى أن صارت سوداء مدلهمة، لا ينتفع بشيء منها فاعتقدوا أنهم قد أخطئوا الطريق ولهذا قالوا: إِنَّا لَضَالُّونَ أي: قد سلكنا إليها غير الطريق فتهنا عنها، قاله ابن عباس وغيره، ثم رجعوا عما كانوا فيه، وتيقنوا أنها هي فقالوا: بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ أي: بل هي هذه ولكن نحن لا حظ لنا ولا نصيب).

قالَ أَوْسَطُهُمْ أي: أعدلهم وخيرهم أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ قال النسفي: (أي: هلا تستثنون؛ إذ الاستثناء التسبيح لالتقائهما في معنى التعظيم لله؛ لأن الاستثناء تفويض إليه والتسبيح تنزيه له، وكل واحد من التفويض والتنزيه تعظيم، أو لولا تذكرون الله وتتوبون إليه من خبث نيتكم، كأن أوسطهم قال لهم حين عزموا على ذلك: اذكروا الله وانتقامه من المجرمين، وتوبوا عن هذه العزيمة الخبيثة،

فعصوه فعيرهم ولهذا قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ. فتكلموا بعد ما حدث الذي حدث بما كان يدعوهم إلى التكلم به أولا، وأقروا على أنفسهم بالظلم في منع المعروف وترك الاستثناء ونزهوه عن أن يكون ظالما. قال ابن كثير: أتوا بالطاعة حيث لا تنفع، وندموا واعترفوا حيث لا ينجع

فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ أي: يلوم بعضهم بعضا على ما كانوا أصروا عليه من منع المساكين من حق الجذاذ، ويحيل كل واحد منهم اللائمة على الآخر،

ثم اعترفوا جميعا بأنهم تجاوزوا الحد قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ أي: بمنع حق الفقراء وترك الاستثناء. قال ابن كثير: أي: اعتدينا وبغينا وطغينا وجاوزنا الحد حتى أصابنا ما أصابنا

عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها أي: خيرا من هذه الجنة، قيل رغبوا بدلها في الدنيا، وقيل احتسبوا ثوابها في الدار الآخرة إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ أي: طالبون منه الخير راجون لعفوه

كَذلِكَ الْعَذابُ قال ابن كثير: أي: هكذا عذاب من خالف أمر الله، وبخل بما آتاه الله وأنعم به عليه، ومنع حق المسكين والفقير وذوي الحاجات، وبدل نعمة الله كفرا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ أي: أعظم منه.

قال ابن كثير: أي: هذه عقوبة الدنيا كما سمعتم وعذاب الآخرة أشق لَوْ كانُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>