فَإِنَّهُمْ أي: الأتباع والمتبوعين يَوْمَئِذٍ أي: يوم القيامة فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ كما كانوا مشتركين في الغواية قال ابن كثير: أي:
الجميع في النار كل بحسبه
إِنَّا كَذلِكَ أي: مثل ذلك الفعل نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ أي: بالمشركين أي: بكل مجرم
إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ أي: إذا سمعوا بكلمة التوحيد استكبروا وأبوا إلا الإشراك قال ابن كثير: أي:
يستكبرون أن يقولوها كما يقولها المؤمنون
وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ أي: أنحن نترك عبادة آلهتنا وآلهة آبائنا عن قول هذا الشاعر المجنون، يصفون رسول الله صلّى الله عليه وسلم بذلك، وحاشاه،
قال الله تعالى تكذيبا لهم وردّا عليهم بَلْ جاءَ أي: محمد صلّى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ في كل ما جاء به من الأخبار والطلب وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ قال ابن كثير: (أي صدّقهم فيما أخبروا عنه من الصفات الحميدة، والمناهج السديدة، وأخبر عن الله تعالى في شرعه وأمره كما أخبروا ... ).
...
[كلمة في السياق]
١ - لقد علل الله عزّ وجل لما أصاب الكافرين في الآخرة بقوله إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ* وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ مما يدل على أن أصل البلاء ومشكلته الكبرى هو الشرك، وأن الداء الذي ينبع عنه كل شر هو الشرك؛ فعنه ينبثق الكفر باليوم الآخر، وعنه ينبثق الكفر بالرسل عليهم الصلاة والسلام، ومن ثمّ قلنا إن السياق الرئيسي للسورة يصب في موضوع التوحيد، والمواضيع الأخرى التي تتحدث عنها السورة كلها تتفرّع عن هذا الأصل.
٢ - من السياق نعلم أن هناك موضوعين رئيسيين متفرّعين عن قضية التوحيد، هما: قضية اليوم الآخر، وقضية بعثة الرسل، ومن ثمّ نلاحظ أن هذا المقطع كله يتحدّث عن موضوع الإيمان باليوم الآخر، والرسل عليهم الصلاة والسلام، ولذلك فقد جاء في وسط الكلام عن اليوم الآخر قوله تعالى بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ وذلك بعد ذكر الشرك مباشرة.
٣ - وفي هذا السياق مرّ معنا قول السادة للأتباع بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ فإذا تذكرنا أن (لا إله إلا الله) هي أساس الإيمان، وإذا كان السياق كله في موضوع