للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتأجج فيها يوم القيامة.

ولعلنا نلاحظ أن هذه الآيات الأربع مرتبطة بما قبلها، من حيث إن لها علاقة باليتامى، ونلاحظ كذلك أنها مرتبطة بما بعدها من آيات المواريث، إذ قررت استحقاق الرجال والنساء في الميراث، وندبت الورثة إلى التصدق، وحذرت من ظلم اليتامى، وندبت إلى معاملة أبناء الميت مثلما يحب الناس أن تعامل أبناؤهم من بعدهم. فالمقطع كله مرتبط بعضه ببعض، وكله يحدد التصرف الصحيح في قضايا حياتية، ليحقق الإنسان في نفسه التقوى كما أرادها الله، وأحبها، وشرعها لنا في كتابه. ومن هذا المقطع ندرك كيف أن قضية التقوى أكبر وأوسع مدلولا مما يظنها كثير من الناس.

[المعنى الحرفي]

لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ. أي: لكل من الرجال والنساء حظه من الميراث، والمراد بهم المتوارثون دون غيرهم بحسب ما فرض الله لكل منهم، والنصيب: الحظ والقدر مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ. أي: من قليل المتروك وكثيره. نَصِيباً مَفْرُوضاً. أي: نصيبا مقطوعا لا بد لهم من أن يحوزوه. وقد بين الله- عزّ وجل- هذا النصيب المفروض بآيات المواريث الآتية بعد ثلاث آيات من هذه الآية، والمبدوءة ب يُوصِيكُمُ .. ،

وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ. أي: قسمة التركة أُولُوا الْقُرْبى ممن لا يرث، وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ من الأجانب. فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ. أي: فأعطوهم مما ترك الوالدان والأقربون. قال النسفي: وهو أمر ندب، وهو باق لم ينسخ. وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً القول المعروف هنا: هو الاعتذار الجميل والعدة الحسنة، أو العطاء الذي لا يرافقه استكثار أو من، أو الدعاء مع العطاء، كقولهم: خذوا بارك الله عليكم، أو ما فيه تطييب خاطر، أو ما تعورف عليه من القول الطيب في مثل هذه الأحوال، أو هذا كله.

وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ المراد بهم الأوصياء، أمروا أن يخشوا الله فيخافوا على من في حجورهم من اليتامى، فيشفقوا عليهم، خوفهم على ذريتهم لو تركوهم ضعافا، وأن يقدروا ذلك في أنفسهم ويصوروه، حتى لا يجسروا على خلاف الشفقة والرحمة. فصار المعنى:

وليخش الذين صفتهم وحالهم أنهم لو شارفوا أن يتركوا خلفهم ذرية ضعافا- وذلك عند احتضارهم- خافوا عليهم الضياع بعدهم، لذهاب كافلهم، فليتذكروا ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>