ابن فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدا، وإن خفّ عمله نادى ألا قد شقي فلان بن فلان، وقال قتادة: ينادى كل قوم بأعمالهم، ينادي أهل الجنة أهل الجنة وأهل النار أهل النار، وقيل سمي بذلك لمناداة أهل الجنة أهل النار أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ قالُوا نَعَمْ (الأعراف: ٤٤) ومناداة أهل النار أهل الجنة أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ (الأعراف: ٥٠) ولمناداة أصحاب الأعراف أهل الجنة وأهل النار كما هو مذكور في سورة الأعراف، واختار البغوي وغيره أنه سمي بذلك لمجموع ذلك وهو قول حسن جيد والله أعلم).
٣ - [معنى كلمة «جبار» وكلام حول آية يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ]
بمناسبة قوله تعالى: كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ روى ابن أبي حاتم عن عكرمة وحكى عن الشعبي أنهما قالا: لا يكون الإنسان جبارا حتى يقتل نفسين، وقال أبو عمران الجوني وقتادة: آية الجبابرة القتل بغير حق والله تعالى أعلم).
أقول: ليس شرطا حتى يعتبر الإنسان من الجبارين أن يقتل، بل قد يكون جبارا لمجرد قسوته وظلمه بدليل الحديث:«لا يزال الرّجل يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين فيصيبه ما أصابهم» رواه الترمذي وقال حديث حسن قال النووي: (يذهب بنفسه) أي يرتفع ويتكبر، فقد يكون الإنسان من الجبارين ولو لم يقتل بغير حق، ولكن القتل بغير حق علامة من علامات الجبروت.
٤ - [هدم نظرية الوصول إلى الله عن الطريق الحسي]
في مقدمة كتابنا (الله جل جلاله) ذكرنا أن الطريق إلى الله آياته، وذكرنا أن كثيرين- خلال العصور السابقة وفي عصرنا- يطلبون الوصول إلى الله عن طريق الحسّ. واستشهدنا- من جملة ما استشهدنا على ذلك- بموقف فرعون إذ يقول لهامان ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ* أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وذكرنا أن الطريق إلى الله ليس هذا، مستشهدين بأدلة العقل والنقل، ومن جملة ما استشهدنا عليه من أدلة النقل قول الله عزّ وجل في هذا المقام: وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ فالسبيل إلى الله ليس ما تصوره فرعون.
٥ - [بشارة لأهل الإيمان وتهديد لأهل الطغيان]
نلاحظ أنه في أول قصة موسى عليه السلام هاهنا ورد قوله تعالى: وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ وفي نهاية المجموعة الأخيرة ورد قوله تعالى: وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ وهذه بشارة لأهل الإيمان أن يطمئنوا إلى العاقبة، وأن يعرفوا أن