تفصّل هذه المجموعة في سورة البقرة ككل مجموعة، فالسور الأربع الأول منها تفصّل في مقدمة سورة البقرة؛ فكما أنّ سورة آل عمران مبدوءة ب الم وفصّلت مقدمة سورة البقرة، فكذلك هذه السور الأربع كلها مبدوءة ب (الم)، فإنّها تفصّل مقدمة سورة البقرة، وامتداداتها في السورة، ثم تأتي سورة الأحزاب، فتفصّل الحيّز الذي فصّلته
سورتا النساء، والمائدة بآن واحد، أي أنها تفصّل من سورة البقرة من قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ... (الآية: ٢١) إلى أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ أي: إلى نهاية الآية (٢٧) فهي تفصّل ما فصّلته سورتا النساء والمائدة، ولكنّه تفصيل جديد وبشكل جديد سنراه.
ثم تأتي سورتا سبأ وفاطر، فتفصلان ما فصلته سورة الأنعام، أي: تفصلان قوله تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (البقرة: ٢٨، ٢٩).
سورة سبأ تفصل بشكل رئيسي الآية الأولى، وسورة فاطر تفصل بشكل رئيسي الآية الثانية، وتتكاملان مع بعضهما في تفصيل الآيتين، ولكن بشكل جديد سنراه.
ثم تأتي سورة (يس) لتفصّل آية في أعماق سورة البقرة، فتفصل ما فصلته (الطاسينات) وهو قوله تعالى: تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (البقرة: ٢٥٢) ولكنه تفصيل جديد وبشكل جديد سنراه.
ومن التفصيل الذي سنراه في هذه المجموعة الأولى من قسم المثاني ندرك سرا من أسرار تسمية هذا القسم باسم المثاني. فما من سورة منه إلا وهي تثنّي تفصيل معنى من المعاني.
فمقدمة سورة البقرة فصّلت من قبل، وهاهنا يثنى تفصيلها. وهكذا قل في آيات أخرى قد فصّلت من قبل، وسنرى أن مجموعات هذا القسم كثيرة، وكلها تثنى فيها بعض المعاني، وبعض التفصيل مرّة بعد مرّة.