أعطانا الله عزّ وجل فيما مر معنا من آيات المجموعة ميزانا نعلم به صدق الإنسان في دعواه الدخول في الإسلام وبهذا الميزان نعرف الصادق من الكاذب.
إن ميزان الصدق في الدخول في الإسلام كله هو: قبول الاحتكام إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم والسمع والطاعة، والخشية والتقوى، وهذه علامة الهداية إلى الصراط المستقيم الذي تحدثت عنه الآية السابقة على هذه المجموعة: وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.
وإن علامة النفاق رفض الاحتكام إلى الله والرسول، وهي علامة الضلال، وعلامة عدم الدخول الصادق في الإسلام وعلامة عدم الدخول في الصراط المستقيم، فالصلة بين آيات المجموعة وبين ما سبقها واضحة، والصلة بينها وبين محور السورة واضحة، فلنر الآن الصلة بينها وبين سياق السورة الخاص:
قال الله تعالى في مقدمة السورة سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ والآيات التي مرت معنا فيها فريضة من فرائض الله، وهي قبول الاحتكام لله والرسول صلى الله عليه وسلم، وفيها آيات بينات تعظ المسلم وتذكره؛ وتعظه من أن ينحرف عن أمر الله، أو يشك، أو يرتاب، أو يرفض الاحتكام إلى الله والرسول، أو يرفض الإذعان الكامل في أي حال.
وبعد أن تقرر أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فريضة من فرائض الله، وأنها علامة الإيمان الصادق، ومظهر الدخول في الإسلام، والصراط المستقيم، فإن المجموعة تتجه لعرض موقف المنافقين من الطاعة، ثم لعرض الموقف الصحيح منها، ثم تعقب بوعد لأهل الإيمان، كما عرضت موقف المنافقين من الاحتكام إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم، والموقف الصحيح من ذلك، ثم أتبعت ذلك بوعد.
فالمجموعة تسجل موقفا خاطئا، ثم تصحح، ثم تعد، ثم تعود لتسجيل موقف خاطئ، ثم تصحح، ثم تعد.
إن رفض الاحتكام إلى الله والرسول من قبل المنافق هو أثر عن تصوره أن الفلاح والفوز الرفض، فعند ما يسجل الله عزّ وجل الموقف الصحيح، ويبين أن الفلاح والفوز في غير ذلك، فذلك تصحيح وتوجيه.