للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طامعين في التلاق. أو خائفين من غيب العاقبة طامعين في ظاهر الهداية. أو خائفين من العدل طامعين في الفضل إن رحمة الله قريب من المحسنين أي قريبة ممن اتصفوا بالإحسان. وذكر النسفي خمسة أوجه لتذكير كلمة قريب في هذا المقام وليس من غرضنا في هذا الكتاب مثل هذا

وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً أي مبشرة بالمطر بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أي أمام نعمته وهو الغيث الذي هو من أجل النعم حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ أي حملت ورفعت سَحاباً ثِقالًا أي بالماء سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ أي لأجل بلد ميت ليس فيه مطر لسقيه فَأَنْزَلْنا بِهِ أي بالسحاب أو بالسوق الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ أي بالماء كَذلِكَ. أي مثل ذلك الإخراج وهو إخراج الثمرات نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ أي فيؤديكم التذكر إلى الإيمان بالبعث، إذ لا فرق بين الإخراجين؛ لأن كل واحد منهما إعادة الشئ بعد إماتته، والآية صريحة في رد الخرافة القائلة بأن المطر ليس من السحاب الناتج عن بخار الماء.

وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ أي والأرض الطيبة التراب يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ أي بتيسيره كأنه قيل يخرج نباته حسنا وافيا وَالَّذِي خَبُثَ أي والبلد الخبيث لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً أي لا يخرج نباته إلا نكدا، والنكد: هو الذي لا خير فيه. وهذا مثل لمن ينجع فيه الوعظ، وهو المؤمن، ولمن لا يؤثر فيه شئ من ذلك، وهو الكافر، وهذا التمثيل واقع على أثر مثل ذكر المطر، وإنزاله بالبلد الميت، وإخراج الثمرات به على طريق الاستطراد في علم البلاغة كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ مثل ذلك التصريف نردد الآيات ونكررها لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ نعمة الله وهم المؤمنون ليتفكروا ويعتبروا فيها وبهذا تم المقطع.

[فوائد]

١ - قال الألوسي: في قوله تعالى إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ شرع في بيان مبدأ الفطرة أثر بيان معاد الكفرة، ويحتمل أنه سبحانه لما ذكر حال الكفار وأشار إلى عبادتهم غيره سبحانه، احتج عليهم بمقدوراته ومصنوعاته جل شأنه، ودلهم بذلك على أنه لا معبود سواه فقال مخاطبا بالخطاب العام إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ أي خالقكم ومالككم الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ السبع وَالْأَرْضَ بما فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>