قلنا إن هذه الجولة استمرار للمقطع الثاني فهي تذكّرنا بالقهر الإلهي، والعلم الإلهي، والحكمة الإلهية. فالجولة بعد أن تذكّرنا في آياتها الأولى بمظاهر علم الله، وحكمته، وقهره من خلال التذكير بالموت، والحساب، واستجابة الدعاء حال الكرب، والتعذيب في الدنيا، تذكّر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه مع هذا كله فإنّ قومه يكذّبون بالقرآن. وفي هذا السياق يذكّر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم- وهو تذكير لنا. ألا يجلس مع القوم الظالمين حال خوضهم في آيات الله، وأن يعرض عمّن اتخذ دينه لعبا ولهوا، وأن يقيم الحجة على الكافرين من خلال إعلان الاستمرار على دين الله، واستنكار العودة إلى الكفر بعد الهداية، ثمّ تذكرنا الجولة بالإسلام لله رب العالمين، وإقامة الصلاة، والتذكير بأن الله هو الخالق والقادر والمالك والعليم والحكيم والخبير.
نطع في جولتيه يقيم الحجة على الكافرين، ويبيّن لهم فساد ما هم فيه، ويحدّد للمسلم بعض المواقف منهم، ويبيّن ما يقتضيه الإيمان بالله ومعرفته، وصلة ذلك بمحور السورة الذي ينكر على الكافرين كفرهم، والذي يعجّب من حالهم، والذي يقيم الحجة على الكافرين من خلال ظاهرتي الحياة والعناية، إن صلة هذا المقطع بمحور السورة واضحة. ولقد قلنا إن محور سورة الأنعام آت في سياق الأمر:
يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ من سورة البقرة، ولذلك آثاره في سورة الأنعام ومن ثم نرى المقطع ينتهي بقوله تعالى: