للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ندب الله عزّ وجل إلى أكثر من ذلك. وهو أن يترك الدائن رأس المال بالكلية. ووعد على الوضع عنه، الخير والثواب الجزيل. وفي الآية الأخيرة في الفقرة، يعظ الله عباده ويذكرهم زوال الدنيا، وفناء ما فيها من الأموال، وغيرها. والمصير إلى الآخرة والرجوع إليه تعالى، ومحاسبته تعالى خلقه على ما عملوا، ومجازاته إياهم بما كسبوا من خير وشر، ويحذرهم عقوبته.

[المعنى الحرفي]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا أي: يا أيها الذين آمنوا، خافوا الله، واتركوا بقايا الربا، ولا تطالبوا بها. فإذا كانت بقايا الربا قبل التحريم يجب أن تترك. فمن باب أولى أن تستأصل معاني الربا، وألا تستأنف أبدا. إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أي: إن كنتم مؤمنين، كاملي الإيمان، فإن دليل كماله، امتثال المأمور به.

فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا. أي: فإن لم تتركوا بقايا الربا. فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ: أي: فاعملوا مستيقنين بحرب الله، ورسوله. وإنما قال بحرب من الله ورسوله، ولم يقل بحرب الله ورسوله، لأن الأول أبلغ. لأن المعنى: فأذنوا بنوع من الحرب عظيم من عند الله ورسوله. وَإِنْ تُبْتُمْ: من ممارسة الربا. فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ المديونين بطلب الزيادة عليها. وَلا تُظْلَمُونَ:

بالنقصان منها.

[فوائد]

١ - ذكر زيد بن أسلم أن هذا السياق نزل في بني عمرو بن عمير بن ثقيف، وبني المغيرة، من بني مخزوم. كان بينهم ربا في الجاهلية. فلما جاء الإسلام، ودخلوا فيه، طلبت ثقيف أن تأخذه منهم. فتشاوروا، وقالت بنو المغيرة: لا نؤدي الربا في الإسلام بكسب الإسلام. فكتب في ذلك عتاب بن أسيد نائب مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية. فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.

فقالوا: نتوب إلى الله، ونذر ما بقي من الربا. وذكر هذا ابن جريج ومقاتل وابن حبان والسدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>