للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْماً كالمهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ. أي: لا يجحدون منها شيئا، ولا يردّون منها حرفا واحدا

أُولئِكَ. أي: الأنبياء المذكورون، مع من أضيف إليهم من الآباء والذرّيّة والإخوان، وهم الأشباه الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ. أي: هم أهل الهدى لا غيرهم فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ. أي: اقتد واتّبع، وإذا كان هذا أمرا للرسول صلّى الله عليه وسلّم فأمته تبع له فيما يشرعه ويأمرهم به. والمعنى: فاختص هداهم بالاقتداء ولا تقتد إلا بهم. والمراد بهداهم طريقتهم في الإيمان بالله، وتوحيده والاستسلام له، وفي أصول الدين دون الشرائع فإنّها مختلفة إلّا ما أقرّه الله منها، ممّا ذكره ولم ينصّ على نسخه قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً. أي: على الوحي، أو على تبليغ الرّسالة والدّعاء إلى التوحيد.

قال الحنفية مستدلين به على أصل مذهبهم: وفيه دليل على أنّ أخذ الأجر على تعليم القرآن ورواية الحديث لا يجوز» وهي قضية خلافية، وقد استقرّت الفتوى في فقه الحنفية على الجواز بسبب تغيّر الحال، والذي يبدو لي أن هناك فارقا بين أخذ الأجر على مجرّد الدعوة وأخذ الأجر على التعليم إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ. أي: ما القرآن إلا عظة للجنّ والإنس.

[فوائد]

١ - قال ابن كثير: وفي ذكر عيسى عليه السلام في ذرية «إبراهيم» أو «نوح» على القول الآخر دلالة على دخول ولد البنات في ذرية الرجال، لأن «عيسى» عليه السلام إنما ينسب إلى «إبراهيم» عليه السلام بأمّه «مريم» عليها السلام فإنّه لا أب له.

روى ابن أبي حاتم ... عن أبي حرب بن أبي الأسود قال: أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال: بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي صلّى الله عليه وسلّم، تجده في كتاب الله، وقد قرأته من أوله إلى آخره فلم أجده؟ قال: أليس تقرأ سورة الأنعام وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ حتى بلغ وَيَحْيى وَعِيسى قال: بلى، قال أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب؟ قال: صدقت».

فلهذا إذا أوصى الرجل لذريّته، أو وقف على ذريته أو وهبهم، دخل أولاد البنات فيهم، فأما إذا أعطى الرجل بنيه أو وقف عليهم، فإنه يختص بذلك بنوه لصلبه وبنو بنيه، واحتجوا بقول الشاعر العربي:

<<  <  ج: ص:  >  >>