والتجارة. أو يفيد التقليل، أي: طرفا من الرشد حتى لا ينتظر به تمام الرشد. فالمراد بالرشد على هذا الاتجاه- وهو اتجاه الحنفية- مجرد القدرة على التصرف الرشيد في شأن المال، وليس غير ذلك. وقال سعيد بن جبير في تفسير الرشد: صلاحا في دينهم، وحفظا لأموالهم، فوسع دائرة الرشد. فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ. أي: فسلموا
إليهم أموالهم التي تحت أيديكم. والأمر للأوصياء والأولياء. ويفهم من الآية: أن الابتلاء يكون قبل البلوغ، فإذا كان البلوغ، وأونس الرشد فلا يتأخر عن دفع الأموال إليهم. فكأنه قيل: وابتلوا اليتامى إلى وقت الرشد منهم، وهذا يقتضي تدريب اليتيم على الرشد قبل البلوغ. وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا. أي:
ولا تأكلوها مسرفين ومبادرين كبرهم، فتفرطوا في إنفاقها، وتقولوا: ننفق فيما نشتهي قبل أن يكبر اليتامى فينتزعوها من أيدينا. وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ. أي: إن الوصي: إما أن يكون غنيا أو فقيرا، فالغني يستعف عن أكل مال اليتيم، أي يحذر من أكل مال اليتيم. واستعف أبلغ من عف؛ كأنه طالب زيادة العفة. والفقير يأكل قوتا مقدرا محتاطا في أكله. فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ. الشهداء على أنهم تسلموها وقبضوها دفعا للتجاحد، وتفاديا على توجه اليمين عليكم عند التخاصم والتناكر. وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً.
١ - في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«يا أبا ذر إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تلين مال يتيم».
٢ - في سنن أبي دواد عن علي قال:«حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل» وفي الصحيحين عن ابن عمر قال: «عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني؛ فقال عمر بن عبد العزيز لما بلغه هذا الحديث: إن هذا الفرق بين الكبير والصغير» وعن عائشة- رضي الله عنها- وغيرها من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«رفع القلم عن ثلاثة. عن الصبي حتى يحتلم- أو يستكمل خمس عشرة سنة- وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق». مما مر يفهم أن