تَعْلَمُونَ قال النسفي: أي: عند النزع سوء عاقبة ما كنتم عليه
ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ قال النسفي: أي في القبور. وقال الحسن البصري في الآيتين: هذا وعيد بعد وعيد. أقول: هذان الوعيدان حملهما النسفي على ما رأينا، وسنرى أن ابن كثير يحملهما على الوعيد في شأن جهنم يوم القيامة
كَلَّا قال النسفي: تكرير الردع للإنذار والتخويف لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ قال ابن كثير: أي لو علمتم حق العلم لما ألهاكم التكاثر عن طلب الدار الآخرة حتى صرتم إلى المقابر. وقال النسفي: جواب لو محذوف أي: لو تعلمون ما بين أيديكم علم اليقين لفعلتم ما لا يوصف ولكنكم ضلال جهلة
لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ هذا جواب قسم محذوف كما نص النسفي وغيره.
ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ قال النسفي: أي لترونها الرؤية التي هي نفس اليقين وخالصه، وقال: كرره معطوفا بثم تغليظا في التهديد وزيادة في التهويل، قال ابن كثير: هذا تفسير الوعيد المتقدم وهو قوله كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ توعدهم بهذا الحال وهو رؤية النار التي إذا زفرت زفرة واحدة خر كل ملك مقرب ونبي مرسل على ركبته من المهابة والعظمة. ومعاينة الأهوال على ما جاء به الأثر المروي في ذلك
ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال ابن كثير: أي ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم من الصحة والأمن، والرزق وغير ذلك، ما إذا قابلتم به نعمه من شكره
وعبادته.
[كلمة في السياق]
١ - عالجت السورة موضوع انشغال الإنسان عن العبادة والتقوى وبينت أن علاج ذلك هو العلم اليقيني بما يكون أمام الإنسان، وبتذكر الجحيم، وتذكر السؤال، وقد فهمنا أن علاج ذلك هو هذا من سياق السورة.
٢ - في السورة إنكار على من ينشغل بالتكاثر عن طاعة الله وإنذار له، وتهديد ووعيد، وذلك كله تأديب للإنسان أن ينشغل عن حقوق الله عزّ وجل بشيء.
٣ - ومن السورة نعرف أن الانشغال بالنعمة عن المنعم خلق من أخلاق الكافرين، فالنعمة تقتضي شكرا، والشكر عبادة وتقوى. قال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ومن هاهنا ندرك الصلة القوية بين السورة ومحورها من سورة البقرة كما ذكرنا من قبل.