ابن مريم. وقد يحتمل أن يكون المراد بأولي العزم جميع الرسل فتكون (من) في قوله (مِنَ الرُّسُلِ) لبيان الجنس وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ أي: لا تستعجل لهم حلول العقوبة بهم كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ أي: إنهم يستقصرون حينئذ مدّة لبثهم في الدنيا حتى ليحسبوها ساعة من نهار بَلاغٌ أي:
هذا بلاغ. أي: هذا الذي وعظتم به فيه كفاية في الموعظة، أو هذا تبليغ من الرسول: فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ أي: لا يهلك على الله إلا هالك، وهذا من عدله عزّ وجل أنه لا يعذب إلا من يستحق العذاب. قال النسفي:(أو المعنى:
فلن يهلك بعذاب الله إلا القوم الفاسقون، أي المشركون الخارجون عن الاتعاظ به والعمل بموجبه).
[نقل: عن صاحب الظلال حول آية فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ .. ]
قال صاحب الظلال في عرضه لهذه الآية:(ألا إنه لطريق شاق. طريق هذه الدعوة. وطريق مرير. حتى لتحتاج نفس كنفس محمد- صلّى الله عليه وسلم- في تجردها وانقطاعها للدعوة، وفي ثباتها وصلابتها، وفي صفائها وشفافيتها، تحتاج إلى التوجيه الرباني بالصبر وعدم الاستعجال على خصوم الدعوة المتعنتين.
نعم. وإن مشقة هذا الطريق لتحتاج إلى مواساة، وإن صعوبته لتحتاج إلى صبر.
وإن مرارته لتحتاج إلى جرعة حلوة من رحيق العطف الإلهي المختوم. فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ .. تشجيع وتصبير وتأسية وتسلية .. ثم تطمين: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ .. إنه أمد قصير. ساعة من نهار. وإنها حياة خاطفة تلك التي يمكثونها قبيل الآخرة. وإنها لتافهة لا تترك وراءها من الوقع والأثر في النفوس إلا مثلما تتركه ساعة من نهار .. ثم يلاقون المصير المحتوم. ثم يلبثون في الأبد الذي يدوم. وما كانت تلك الساعة إلا بلاغا قبل أن يحق الهلاك والعذاب الأليم: بَلاغٌ. فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ .. لا.
وما الله يريد ظلما للعباد. لا. وليصبر الداعية على ما يلقاه. فما هي إلا ساعة من نهار ثم يكون ما يكون .. )