فداءهم يتقوى به على الجهاد، وخفي عليهم أن قتلهم أعز للإسلام، وأهيب لمن وراءهم. ويمكن أن يكون المعنى: لولا كتاب ثابت من الله ألا يؤاخذ قبل البيان والإعذار لَمَسَّكُمْ أي لنالكم وأصابكم فِيما أَخَذْتُمْ أي من فداء الأسرى عَذابٌ عَظِيمٌ ولكن رحمة الله واسعة
فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حتى لا يفهم من العتاب حرمة ما عوتبوا به ذكر لهم إباحة الأكل من الغنائم، والأسرى من الغنائم حَلالًا أي مطلقا عن العتاب والعقاب طَيِّباً أي لذيذا هنيئا، أو حلالا بالشرع، طيبا بالطبع وَاتَّقُوا اللَّهَ أي فلا تقدموا على شئ لم يعهد إليكم فيه إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لما فعلتم من قبل رَحِيمٌ بإحلال ما غنمتم
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ أي في حوزتكم وفي ملكتكم مِنَ الْأَسْرى جمع أسير إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً أي خلوص إيمان وصحة نية يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ أي من الفداء إما أن يخلفكم في الدنيا أضعافه، أو يثيبكم في الآخرة، ومع هذا وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لا يعاقب على الكفر وعمله، بعد الإسلام وعمله
وَإِنْ يُرِيدُوا أي الأسرى خِيانَتَكَ بالكيد لك أو بنقض ما قالوه عند إطلاق سراحهم فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ أي في كفرهم به، ونقض ما أخذ على كل عاقل من ميثاقه فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ أي فأمكنك منهم أي: أظفرك بهم، أي وسيمكن منهم إن عادوا إلى الخيانة وَاللَّهُ عَلِيمٌ بالمآل حَكِيمٌ فيم أمر في الحال.
وبهذا انتهى المقطع.
ملاحظة: نلاحظ أنه في مقدمة هذه السورة- أو في مقاطعها- صور لها علاقة بغزوة بدر، تخدم السياق الذي جاءت فيه، وذلك أن معركة بدر هي النموذج العملي لتنفيذ فريضة القتال، وما يحيط به، وما يستتبع ذلك.
[كلمة في السياق]
رأينا في هذه الفقرة ثلاثة نداءات موجهة لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
١ - أمر بالاعتماد على الله وحده، وذلك يفيد أن قرار القتال لا ينبغي أن يتوقف إلا على ضرورته وفريضته.
٢ - أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالتحريض على القتال، وهذا أدب القيادة في استبقاء الجاهزية القتالية كاملة بشكل دائم.